لم يكن الرئيس الراحل هواري بومدين يتصور يوما وهو يدشن، بتاريخ 17 جوان 1962، الصرح الرياضي الأكبر في الجزائر، والذي يحمل اسم 5 جويلية بكل ما يحمله هذا التاريخ من رمزية بالنسبة للجزائر، أن يتحوّل من الملعب الحاضن لأكبر انتصارات الرياضة الجزائرية، كما أراد الزعيم الراحل، إلى واحد من أكبر بؤر الفساد المالي في الجزائر، ولملعب الموت الذي حصد العديد من أرواح شباب الجزائر آخرهم مناصري اتحاد العاصمة بعد سقوط مميت من مدرجاته المهترئة. وكان الرئيس الحالي للجزائر، عبد العزيز بوتفليقة، شاهدا بنفسه على ما يمكن وصفه بأول مشاهد الانحدار الذي عرفه الصرح الأولمبي، وهذا خلال حضوره نهائي كأس الجزائر 2001، بين اتحاد العاصمة وشباب المشرية، عند انقطاع التيار الكهربائي لفترة من الزمن في حادثة غير مسبوقة، ثلاث سنوات قبل أن يتم غلق الملعب بكل مرافقه لأكثر من عام، وإخضاعه لأشغال ترميم وتهيئة استهلكت غلافا ماليا كبيرا بمناسبة الألعاب العربية التي احتضنتها بلادنا سنة 2004. ليتضح بمرور الوقت زيف تلك الأشغال، وبأنها كانت وسيلة للربح غير المشروع لبعض المسؤولين في القطاع، ليتم تحميل المدير العام السابق، رشيد زروال، المسؤولية دون البقية ويفصل من منصبه بقرار من الوزير الأسبق، الهاشمي جيار، قبل أن يتم جره للعدالة، لتتم محاكمته سنة 2008 أمام محكمة بئر مراد رايس بتهمة تبديد المال العام، لكن من دون أن تطاله أي عقوبة لاحقا. وأوصد الملعب الأولمبي أبوابه مرة ثانية لمدة فاقت 18 شهرا، من أجل إعادة أرضيته المعشوشبة طبيعيا في عملية استهلكت غلافا ماليا ضخما. والنتيجة كانت مهزلة أولى بمناسبة استقبال صربيا في مباراة ودية شهر مارس 2010، وثانية بمناسبة مباراة الجزائر ضد الجزائر في نوفمبر 2011، وثالثة بمناسبة استقبال منتخب البوسنة والهرسك في احتفالية الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بعيده تأسيسها الخمسين في نوفمبر 2012، ليتحوّل الملعب المسبح أو المزرعة لمصدر تنكيت وسخرية من الجزائريين والأجانب على حد سواء، ليقرر الوزير الحالي غلق الملعب بنهاية الموسم الكروي وإعادة الأرضية مرة أخرى دون أن يلتزم بقراره هذا. وبالإضافة إلى الفضائح المالية والإدارية وقضايا الفساد التي لاحقت وشوّهت صورة الملعب الأولمبي خلال العشرية الأخيرة، اقترن ملعب 5 جويلية بقائمة طويلة عريضة من ضحايا العنف والاعتداءات المتكررة بالسلاح الأبيض، حيث تسجل مصالح الأمن والحماية المدنية في كل مرة حوادث خطيرة أفضت لزهق أرواح أبرياء، كما كان الحال مع أحد مناصري اتحاد البليدة الذي قُتل في مخرج الملعب في مباراة فريقه أمام مولودية الجزائر، أو مناصر العميد الذي قُتل شهر نوفمبر 2011 بطعنات غادرة، أو ذلك الذي لقي حتفه بعد سقوطه من أحد أعمدة الإنارة في مباراة مولودية الجزائر وشباب قسنطينة وآخر توفي نتيجة إصابته بشهب ناري، دون الحديث عن مئات حوادث الاعتداء والضرب والسرقة التي يسجلها الملعب الذي لم يعد يؤمّن لمرتديه أدنى شروطه السلامة، دون الحديث عن ظروف الرفاهية التي تتوفر في ملاعب دول الجوار، والتي صارت أشبه بالحلم بالنسبة للجمهور الجزائري.