تمر اليوم الأحد 20 أكتوبر/تشرين الأول الذكرى الثانية لسقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي ولمقتله على أيدي الثوار المدعومين من حلف شمال الأطلسي. وبمرور عامين تقول صحيفة الأوبزرفر البريطانية إن ليبيا على شفا حرب أهلية، حيث يحتدم القتال في بنغازي التي كانت مهد ثورة الربيع العربي في ليبيا، مشيرة إلى اندلاع أعمال عنف بين المليشيات المتطرفة والقوات النظامية، كما شهدت طرابلس في وقت سابق من هذا الشهر اختطاف رئيس الوزراء علي زيدان، إضافة إلى الحرب الانتقامية التي خاضتها الميليشيات المتطرفة والقوات النظامية في بنغازي بين السنة والشيعة وذبح اثنين من الجنود وهما نيام في قاعدة للجيش، وقتل قائد الشرطة العسكرية أحمد البرغثي، واقتحام مسلحين لمنزل قائد ميليشيات بارز. ورأت الصحيفة أن الأحداث التي شهدتها ليبيا هذا الأسبوع تنذر بتفكك البلاد، خاصة بعد تحول برقة إلى منطقة فيدرالية وفتح برلمان خاص بها في بنغازي. كانت اللحظات الأخيرة في حياة القذافي مليئة بالهيستريا التي حكمها المكان والزمان، وحسب رواية كثير من المسؤولين الليبيين فقد شاركت عناصر أجنبية بصورة أو أخرى في اعتقال القذافي وقتله، وهو ما دفع ابنته عائشة العام الماضي إلى مطالبة الأممالمتحدة بإجراء تحقيقات في ملابسات القصة برمتها دون أن يستجيب أحد. وحسب اعتقاد الإعلامي الليبي عريش سعيد، فإن سرعة قتل العقيد القذافي بعد اعتقاله مباشرة، تخدم مصالح أجنبية، وتخلّد سرّ قضايا الأمن القومي تورطت فيها ليبيا ولا تزال تدفع فواتيرها. أبرز تلك القضايا، هي الحروب التي زج القذافي بها ليبيا في أمصار كثيرة، وكذلك لوكيربي، والممرضات البلغاريات، وموسى الصدر، فضلا عن الصفقات التي عقدها الغرب مع القذافي قديما وحديثا، لهذا يظل الاعتقاد راسخا بأن استخبارات غربية متورطة بشكل مباشر في تصفية العقيد لتموت أسراره معه. من جهة أخرى لايزال القذافي يثير الخوف إلى اليوم، ولو بقي حيا لاستطاع مؤيدوه عرقلة بناء الدولة الحديثة، وحتى بعد عامين على رحيله تواصل البلاد نهج الاحتكام إلى السلاح، وفي ظاهرة الانقسام الليبي يلعب الاستقطاب السياسي دورا أصغر بكثير من الدور الذي يلعبه حبّ العقيد أو كرهه. وترى الناشطة الليبية حنان مصطفى، أن مقتل القذافي كان نقطة تحول مفصلية ومشهدا مستقبليا لما سيكون عليه القادم، فهو منطق القوة، عندما يتحول المظلوم إلى ظالم فيرسخ منظومة الاضطهاد ويستغلها لمكاسبه، ويجري تبادل الأدوار فمصراتة تتحول إلى سرت، والزنتان إلى بني وليد، وليبيا، كما يقول الليبيون، خشت في حيط. يقول الليبيون إنه لم يتحقق أيّ من الأهداف والشعارات التي رفعتها ثورة فبراير/شباط عام 2011 ، أي دحر الظلم والقهر وحكم الفرد وتأسيس دولة المؤسسات والعدالة وحقوق الإنسان، بل سقطت الدولة في أيدي ميليشيات متطرفة. الصحافي الليبي فتحي بن عيسى يؤكد أن أداء من تولى إدارة البلد بعد مقتل القذافي جعل منه قائدا تاريخيا وتحولت مقولات الكتاب الأخضر الذي كان محل سخرية إلى مقاطع مأثورة ، واقتنع المزاج العام بأن الحزبية إجهاض للديمقراطية وأن من تحزب خان. ومكاسب القذافي بعد مقتله أكثر بكثير مما كان يحلم به ويسعى له وينفق لأجله نفائس الأموال، فما كان سيجد من يروج لأفكاره كما فعل من جاء بعده. بغض النظر عن الموقف من العقيد الراحل، فإن مختلف القوى السياسية الليبية تشارك اليوم في جرّ البلاد إلى الهاوية، وتغامر بأن يسجّل التاريخ عن القذافي أنه كان الرئيس الأخير لليبيا الموحدة.