لمّا استقرّ الأمر للرّسول بالمدينة كتب الله على المسلمين الجهاد في سبيل نشر الدّعوة الإسلامية وذلك في السنة الثانية للهجرة المعروفة بسنة نُصرة المسلمين ببدر الكبرى على الكفار، بقوله تعالى في سورة البقرة: “كُتِب عليكُم القِتَال وهو كُرْهٌ لكُم وعَسَى أن تَكْرَهُوا شيئا وهو خيْرٌ لكُم وعَسَى أن تُحِبُّوا شيئا وهو شَرٌّ لكم والله يَعْلَمُ وأنتُم لا تَعلمون”. وأوّل غزواته صلّى الله عليه وسلّم غزوة بدر الكبرى حيث ارتفعت راية الإيمان على راية الشِّرك ثمّ تلتها غزوات وسرايا أخرى.. إلى أن تَكرَّم الله على رسوله بفتح مكّة المكرمة. الأثر الاجتماعي وأهم الآثار الاجتماعية الّتي ترتّبت على قيام الحكومة النّبويّة في المدينة تحطيم فوارق الطبقات، والتّدرُّج في محاربة الرِّق، ورفع مستوى المرأة وإلغاء المسكرات. فمنذ حَلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بمدينة الأنصار طفق بأقواله وأفعاله يقضي على التّمييز العنصري ويهدّم قواعد الكبرياء، ويضع الموازين القسط لأسس المساواة الحقيقية بين النّاس أجمعين. وجهر عليه الصّلاة والسّلام بأنّ “النّاس سواسية كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأحمر على أسود إلاّ بالتّقوى”، فكانت التّقوى على هذا الأساس معيار المفاضلة بين الإنسان وأخيه الإنسان، فليس لأحد أن يتميّز على أحد لعرقه أو جنسه أو لونه من حيث الاستعداد النّفسي لتتجاوب مع النتاج الحضاري والثقافي والرّوحي. ومن هنا انطلق عليه الصّلاة والسّلام بتدرّج في تحرير الرّقيق مُقرًّا لكلّ إنسان بوصفه إنسان حقّ الحرية، محرّمًا استرقاق الحُرّ دون سبب مشروع غالبًا ما يكون بعد الأسر في الحروب، وقد هيّأت هذه الخطوات المتدرجة الضّمير البشري لإلغاء الرّق.