قررت، أمس، المحكمة الابتدائية للدار البيضاء بالمغرب تأجيل محاكمة حميد النعناع، مقتحم القنصلية العامة للجزائر بالدار البيضاء يوم الفاتح نوفمبر ونزع الراية الوطنية، إلى يوم 28 نوفمبر الجاري بطلب من دفاع المتهم. وأفادت مصادر إعلامية أن المحامي صلاح الدين بن عبد اللّه طلب تأجيل جلسة المحاكمة ”حتى يتسنى له الاطلاع على كل ملفات القضية وتحضير مرافعته”. وأشارت مصادر إعلامية مغربية إلى أن مقتحم القنصلية الجزائريةبالدار البيضاء، التي لقيت تنديدا وإدانة واسعة في الجزائر والخارج، سيمثل أمام المحكمة الابتدائية، بتهمة انتهاك حرمة مسكن، وذلك وفق الفصل 441 من القانون الجنائي المغربي، الذي ينص في مادته أنه ”من دخل أو حاول الدخول إلى مسكن الغير، باستعمال التدليس أو التهديد أو العنف ضد الأشخاص أو الأشياء، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى مائتين وخمسين درهما. وإذا انتهكت حرمة المسكن ليلا، أو باستعمال التسلق أو الكسر أو بواسطة عدة أشخاص، أو إذا كان الفاعل أو أحد الفاعلين يحمل سلاحا ظاهرا أو مخبأ، فالعقوبة الحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات والغرامة من مائة وعشرين إلى خمسمائة درهم”. يحدث هذا في وقت تمثل السفارة أو القنصلية بأرضها ومبانيها، بموجب اتفاقية فيينا للعام 1815، حرمة لا يجوز انتهاكها أو المسّ بها، لأن ذلك يمثل انتهاكاً لسيادة تلك الدولة، فلا تتعرض للتفتيش أو دخول قوات الشرطة أو غيرها، وهو ما يعني أن السلطات المغربية أخلّت بالتزاماتها الدولية في حماية القنصلية الجزائرية من الاعتداء، إذا افترضنا أن ما قام به الشاب المغربي فعلا ”معزولا”، مثلما حاولت الخارجية المغربية تبرير ذلك، وهي الرواية التي ترفضها الجزائر، بحيث قال الناطق باسم الخارجية الجزائرية، عمار بلاني، في تصريح سابق ل«الخبر” إن ”تحقيقا إداريا جرى على مستوى القنصلية العامة في الدار البيضاء، انتهى إلى نتائج واضحة وغير قابلة للنقاش”. وأضاف بلاني أن ”الدلائل في التحقيق تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الاعتداء الخسيس على القنصلية وتدنيس العلم الجزائري كان فعلا مدبرا، ونتيجة التحقيق لا تترك أي فرصة لإثبات أن الاعتداء كان فعلا معزولا، وتدحض الرواية الرسمية التي قالت بها السلطات المغربية من أن الاعتداء فعل شخصي ومعزول”. وجدد المتحدث باسم وزارة الخارجية تمسك الجزائر بإجراء ”تحقيق مشترك مع السلطات المغربية، ونحن نأمل أن يثبت الطرف المغربي حسن نواياه من خلال الردّ بالإيجاب على المطلب الجزائري، إذا كان فعلا لديه ما يدعم نظرية الفعل المعزول الذي قام به البلطجي حميد النعناع”. غير أن تأجيل محاكمة حميد النعناع المستفيد من الإفراج، بحجة أن الدفاع يريد الاطلاع على وثائق القضية التي شاهدها العالم بالصورة والصوت، توحي أن نظام المخزن لا يتعامل بالجدية المطلوبة، لأن القضية لا تخص انتهاك حرمة مسكن، وهي التهمة الموجهة لأحد أتباع تنظيم ”الشباب الملكي”، بل المساس برمز من رموز سيادة الدول التي تقرّ المواثيق الدولية بحظر التعدي عليها.