غاص الباحث في التصوف والطرق الصوفية، سعيد جاب الخير، في أول ندوة فكرية في إطار فعاليات المهرجان الوطني الثقافي للعيساوة بميلة، في بعض المسائل الخلافية بين الفقهاء والمتصوفة، مبرزا بعض الجوانب الخلافية التي حصرها في حدود الخلافات الفقهية ليس إلا. وقال سعيد جاب الخير في محاضرة بعنوان “الأصول الشرعية للتربية والممارسة في الطرق الصوفية ومنها الطريقة العيساوية كنموذج”، إن الكثير من الفقهاء والمحدثين ينكرون على الصوفية منهجيتهم التربوية وممارساتهم الطقوسية، على أساس أنها تخالف صحيح وصريح “الشريعة”، بل إن بعض الفقهاء والمحدثين ينكرون حتى أصل التصوف ونسبته إلى الإسلام ويرفضون أي علاقة بينهما، حيث يعتبرون أن التصوف مجرد “ابتداع” و”ضلال” و”انحراف” عن “الدين القويم”. وقد شاع هذا الإنكار عند العامة في المنطقة المغاربية خاصة بعد النشاط المكثف الذي مارسته المدرسة “الإصلاحية” ضد التصوف والطرق الصوفية في الجزائر بشكل خاص، وذلك خلال الحقبة الاستعمارية. وقال جاب الخير إن الواقع التاريخي يشهد وجود صراع بين أهل الظاهر (الفقهاء) وبين أهل الباطن (الصوفية)، يترجمه الخلاف الذي نشب بين سيدنا موسى وسيدنا الخضر، كما يبرز ذلك في سورة الكهف. ويفسر صاحب المداخلة ذلك بالقول إن المسائل التي ينكرها الفقهاء والمحدثون (ومعهم المدرسة الإصلاحية في الجزائر) على الصوفية، لا تزيد على كونها مسائل فقهية خلافية. ويؤكد الباحث على تمسك والتزام الصوفية في مناهجهم التربوية وطقوسهم، بالشريعة الإسلامية السمحة ونصوصها، نافيا أن يكونوا قد حادوا عن المنهج الديني. ومن جملة المسائل التي ذكرها جاب الخير وينكرها الفقهاء على الصوفية ويختلفون معهم فيها، مسألة التوسل بالنبي والأولياء الصالحين، مؤكدا على أن التوسل بالنبي الكريم انتشر كثيرا منذ فجر الإسلام، وكذلك التوسل بالأولياء الصالحين، مستندا إلى بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية.