مرت قبل أيام الذكرى ال15 لرحيل الفنان كمال مسعودي، الذي غني للشمعة التي لم تنطفئ، وللدنيا والرحيل، وغنى أيضا مرارا للجزائر لتكون أغنية الإحساس الوطني العالي ”يا دزاير راح طاب القلب” سببا في منعه عن التلفزيون والإذاعة لمدة ثلاث سنوات وهو في أوج عطائه الفني. يحكي لنا الشاعر ياسين أوعابد الذي كتب العديد من أغاني كمال مسعودي، منها الأغنية الأخيرة للراحل التي تغني بها يحاكم الدنيا قبل أن يحاكمه القدر ”يا حسراه عليك يا الدنيا فيك حكاية وحكايات”، كيف رحل الغالي قبل نحو 15 عاما في حادث مرور مأساوي سجل بصمته في مسيرة الأغنية الشعبية التي خلدها كمال مسعودي بحوالي 90 أغنية تقدّس الكلمة واللحن إلى حد البكاء. عاش ابن حي بوزريعة بالعاصمة وطنيا وحنينا على مشاعر الجزائريين التي كانت تأنّ في فترة التسعينيات على أخبار القتل والإرهاب، ليقرر تقديم باقات من الأغاني الإنسانية الخالدة. يقول ياسين أوعابد إن الراحل ”اختيار أغنية القلب والضمير”، في الوقت الذي اتجهت الأغنية الجزائرية نحو الراي، ولكنه استطاع بالكلمات النظيفة واللحن الموزون الهادئ الذي يغازل المشاعر لا الجسد أن يكون ”مدرسة في الغناء”. واستطاع كمال مسعودي أن يقدّم لذاكرة الأغنية الجزائرية 8 ألبومات خلال 8 سنوات فقط، وهو رقم يقول عنه أوعابد بأنه ”تحد كبير لم يستطع أي مغني القيام به”، كما أن ال90 أغنية لم يكن بينها أغاني راقصة، فالكلمة واللحن الهادي كانا سر نجاح كمال مسعودي. وُلد كمال مسعودي سنة 1961 ببوزريعة، وبدأ مشواره الفني في منتصف السبعينيات، قبل أن يلتقي في سنوات التسعينيات بقصائد ياسين أوعابد التي صنعت أبهى ملاحم الأغاني الشعبية ”الشمعة”. ولم تكن حياة صاحب أغنية الشمعة، معبدة بالورد، إلى حدّ أنه لقب الملك الحزين وهو الوصف الذي يختزل حياته، وإن كان المقربون منه يعتبرون أن شخصية كمال مسعودي كانت تتسم بالمرح والبهجة، كما يسرد لنا شاعره الأول بعضا من تفاصيل حياته، سيما فيما يخص كفاحه من أجل الزواج والحصول على سكن كأي شاب جزائري، فقد وقع في عشق متيم وتحدى المشاكل والصعاب، إلا أن القدر قال كلمته أياما قبل موعد زواجه وهو يحمل أحلام الاستقرار، يضيف ياسين أوعابد: ”زرته قبل يوم من وقوع الحادث فوجده يقرأ كتاب ”عالم البرزخ”.. يوما واحدا قبل أن يقع الحادث، كان كمال مسعودي يقرأ القرآن ثم اتجه إلى أداء الصلاة لمدة ساعتين وكأنه يشعر بموعد رحيله إلى عالم الاستقرار عن عمر ناهز 38 سنة.