إضراب الأساتذة يدخل أسبوعه الثالث والوزارة تأمر بمنع المضربين من الدخول للمدارس تلاميذ يحّولون للمدارس الخاصة وآخرون يكثفون الدروس الخصوصية يدخل إضراب الأساتذة غدا أسبوعه الثالث، وهو الوضع الذي تقف أمامه الحكومة موقف المتفرج، رغم تأثير ذلك على التلاميذ لضياع دروس سيصعب استدراكها، خاصة أن النقابات مصرة على مواصلة الإضراب رغم الأساليب الردعية التي اتبعتها الوزارة آخرها تعليمة تقضي بمنع المضربين من دخول المؤسسات التربوية، وأمام هذا الصراع وجد أولياء التلاميذ أنفسهم مضطرين لتحويل أبنائهم إلى المدارس الخاصة أو تكثيف الدروس الخصوصية لتدارك ما فات واستكمال البرنامج الدراسي قبل موعد الامتحان. تحول الصراع بين الوزارة ونقابات القطاع إلى “حرب كلامية” يدافع فيها كل فيها عن وجهة نظره، على حساب الآلاف من التلاميذ الذين يواجهون بالإضافة إلى تأخر الدروس هاجس السنة البيضاء الذي يؤثر لا محالة في نفسياتهم، هذا القلق الذي انتقل تلقائيا إلى الأولياء الذين نددوا في بداية الإضراب بما يحدث ودعوا جميع الأطراف إلى التعقل، إلا أنهم بعد مرور أسبوع من الإضراب لجؤوا إلى تكثيف الدروس الخصوصية، ووفق تصريحات عدد من الأولياء ل “الخبر”، فإنهم رفعوا من الميزانية الموجهة لهذا النوع من الدروس التي يتلقاها أبناؤهم أسبوعيا ليصبح يوميا، خاصة من لهم أبناء مقبلون على شهادة البكالوريا. وفي هذا السياق صرحت إحدى السيدات ل “الخبر” أنها تدفع آلاف الدنانير مقابل حصص يومية لابنتها المقبلة على البكالوريا بالإضافة إلى الحصص الأسبوعية، وقد أتمت ابنتها البرنامج نهائيا، لأن انتظار توقيف الإضراب من شأنه تضييع دروس كثيرة، ومن ثمة فإن استدراكها يأخذ وقتا طويلا ويشكل ضغطا على ابنتها، فاختصرت الطريق رغم أن ذلك كلفها مصاريف لم تكن في الحسبان، إلا أن نجاح ابنتها في هذه الشهادة المصيرية هو الأهم في نظرها، وهو نفس النهج الذي اتبعه معظم الأولياء محاولة منهم لاستدراك الدروس الضائعة. في المقابل لجأت فئة أخرى إلى تحويل أبنائهم نحو المدارس الخاصة بحكم أن هذه الأخيرة لا تشملها الإضرابات، وهو القرار الذي علّق عليه رئيس اتحاد جمعيات أولياء التلاميذ أحمد خالد في تصريحه ل “الخبر” بأنه كارثي، ودعا الوزارة إلى إيجاد حل سريع لتفادي “نزوح” التلاميذ نحو المدارس الخاصة، في الوقت الذي حذر الأولياء من “الانسياق وراء هذه الحلول الترقيعية بحكم أن النتائج السلبية لهذه المدارس لا تشجع على هذه الخطوة”. الإضراب يدخل الأسبوع الثالث يحدث هذا في الوقت الذي أعلن فيه الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين “أنباف” مواصلة إضرابه الذي يدخل أسبوعه الثالث غدا، وقلل التنظيم من التصريحات التي سبق أن أدلى به الوزير حول تسوية ملف ترقية أساتذة طوري المتوسط والابتدائي، ورد رئيسه صادق دزيري أن “الأنباف” ليس له مطلب واحد وإنما عدة مطالب تضمنها الإشعار بالإضراب، وأضاف أنه كان الأجدر بالوصاية إعلامهم كنقابة بهذا في جلسة حوار مشتركة، عوض اللهجة التصعيدية للوزارة التي أزّمت الوضع أكثر، آخرها تعليمة تقضي بغلق أبواب المؤسسات التربوية في وجه المضربين، وهي سابقة خطيرة حسبه لم يسبق لها مثيل، “كأن مستشاري الوزير يبعثون بالوضع إلى التعفن”، كونهم يريدون منهم من خلال هذا القرار الخروج إلى الشارع حتى تستغله أطراف أخرى لتكون النتائج وخيمة، إلا أنهم كمربين لا يمكنهم الانسياق وراء ذلك، “لأننا حريصون كل الحرص على استتباب الأوضاع، وهدفنا تحقيق المطالب المشروعة لا غير”، مؤكدا على التزامهم بالبقاء في المؤسسات التربوية في إضراب سلمي وفق النصوص التنظيمية المقرة بذلك. هذا القرار أثار أيضا استياء المجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني “كناباست” الذي ذكر مكلفه بالإعلام مسعود بوديبة أن هناك أطرافا تحرض مديري التربية على ذلك، وهي دعوة لنقل الاحتجاج إلى الشارع وخروج التلاميذ، وبهذه الأساليب “يدعون جميع الأطراف إلى خلق تمرد وهذا غير مقبول”، كما ذكر أن تصريحات مسؤولي الوزارة بمن فيهم الوزير نفسه فقدت “المصداقية”، ومجلسهم الوطني سبق أن خرج بقرار عدم العودة للدراسة إلا بالتجسيد الميداني للمطالب المرفوعة، لأن المحاضر والآجال التي قدمتها لم تحترم، وكان الأجدر بالوزارة، يضيف بوديبة، الاعتراف بأن اللجنة التي سبق وطالبوا بها بحضور الوظيف العمومي ووزارة المالية ووافقت عليها في المحاضر فشلت في تحقيقها، معلنا مواصلتهم غدا إضرابهم في يومه الرابع المتجدد آليا. من جهتها قررت النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني “سناباست” مواصلة الإضراب للأسبوع الثالث على التوالي بدءا من غد الأحد، ويستمر إلى غاية يوم الخميس المقبل تمهيدا للإضراب المفتوح الذي سبق أن هدد به “السناباست” في تصريح سابق لرئيسه مزيان مريان ل “الخبر”. وندد التنظيم بسياسة الوزارة بهجومها الخطير والمعادي للحريات وانتهاجها سياسة “الترهيب” عوض أن تواجه انشغالاتهم بحوار جاد وحقيقي، ووصفت التعليمات الأخيرة ب “الاضطهادية والقمعية”، في محاولة منها لإجبارهم للعدول عن الإضراب.