نظرت أمس محكمة الجنح جمال الدين بوهران في قضية فضيحة شهادات البكالوريا المزورة، غير أن اللاّفت في هذه القضية هو أن المحاكمة اقتصرت في مجملها على مساءلة التلاميذ المتهمين باستعمال المزور، بعد أن تم إسقاط أسماء بعض المتهمين بناء على قرار انتفاء وجه الدعوى أصدرته غرفة الاتهام لصالحهم. بعد تأجيل لمرتين متتاليتين، قررت هيئة المحكمة أمس مباشرة النظر في قضية شهادات البكالوريا المزورة التي تفجّرت خيوطها في العديد من الكليات المتوزعة عبر جامعات وهران، مستغانم، وسيدي بلعباس، بحضور كبير لأصحاب الجبة السوداء الذين تجندوا للدفاع عن زهاء 90 متهما نادت عليهم رئيسة المحكمة لمساءلتهم عن الأفعال المنسوبة إليهم، والتي تراوحت ما بين تهم التزوير واستعمال النفوذ واستغلال الوظيفة، فضلا عن استعمال المزور والمشاركة في التزوير، وهي الأفعال المعاقب عليها في قانون العقوبات وقانون مكافحة الفساد، في غياب حوالي 15 متهما آخر لا يزالون في حالة فرار. وقد عرفت المحاكمة منعرجا مخالفا للمسار الذي عرفته التحقيقات الابتدائية التي انطلقت بها هذه القضية الخطيرة، حيث اختُزلت المساءلة في 3 متهمين رئيسيين تمثلوا في حاجب ثانوية وعون في مديرية التربية، فضلا عن مفتش موسيقى سابق شغل فيما بعد نائب رئيس بلدية بئر الجير، بالإضافة إلى عشرات التلاميذ المتورطين باستعمال المزور، وذلك في غياب جُلّ المتهمين الذين صنّفتهم تحقيقات الضبطية القضائية والتحقيقات القضائية التي تمت بعد ذلك في خانة المتهمين الرئيسيين، والمتمثلين أساسا في إطارات ومسؤولين في الجامعة على غرار مستخدمي ومسؤولي مصلحة البيداغوجيا بجامعة وهران وبعض عمداء الكليات، بناء على قرار أصدرته غرفة الاتهام مؤرخ في 17 ديسمبر الماضي يقضي بانتفاء وجه الدعوى الكلي لصالحهم. وفي غياب السواد الأعظم من الشهود، استمعت رئيسة المحكمة لأقوال المتهمين التي تباينت بين الإنكار والاعتراف المُبطن، باعتبار أن الرئيسة عمدت إلى مواجهة التلاميذ الذين استفادوا من التسجيل في مختلف الكليات الجامعية رغم رسوبهم في امتحانات شهادة البكالوريا، مع المتهمَين اللَّذين كانا يقومان بإجراءات تسجيلهم المزور في الجامعة وتسليمهم كل وثائق الطلبة العاديين من بطاقات الطالب والمكتبة، وتلك الخاصة بالاستفادة من المنحة وشهادات تسجيل بيضاء، مقابل امتيازات مالية وهدايا متنوعة. ويوجد ضمن المسجلين بشهادات مزورة تلميذ تم تسجيله مباشرة في السنة الرابعة جامعي رغم عدم حيازته لشهادة البكالوريا، فضلا عن 3 متهمين من عائلة واحدة سألتهم هيئة المحكمة بشكل متتابع عن الأفعال المنسوبة إليهم والمتمثلة أساسا في تضخيم معدل النجاح في البكالوريا لإحداهن من 10.77 إلى علامة تفوق 16 للتسجيل في كلية الطب، فضلا عن التسجيل في معهد الحقوق والحصول على شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة رغم عدم حيازة البكالوريا أصلا، كما استمعت المحكمة لأقوال العديد من أولياء أمور تلاميذ متهمين بالمشاركة في التزوير.