تحولت مدينة بجاية، نهار أمس، إلى مسرح مواجهات عنيفة جدا، بين قوات الأمن والمئات من الشباب الرافضين للعهدة الرابعة، خلفت خسائر مادية تمثلت في حرق عدة سيارات تابعة لأنصار الرئيس المترشح وأخرى للتلفزة العمومية. تم تخريب الواجهة الخارجية لقاعة دار الثقافة، حيث كان عبد المالك سلال سيعقد تجمعا، وسقط عدد كبير من الجرحى في صفوف قوات الأمن والمتظاهرين أثناء المواجهات. وإلى غاية ساعات متأخرة من النهار كانت المواجهات لازالت عنيفة، من خلال لجوء مصالح الأمن إلى الاستعمال المكثف للغاز المسيل للدموع، والاستعانة بكل إمكانات مواجهة الشغب. ليرد عليهم الشباب الغاضب بالحجارة والقنابل الحارقة. وكان المعارضون للعهدة الرابعة أبدوا إصرارا منذ الصبيحة، لمنع عبد المالك السلال من الوصول إلى قاعة دار الثقافة لتنظيم التجمع الشعبي لفائدة المرشح عبد العزيز بوتفليقة، حيث لجأوا إلى سد جميع المنافذ التي يمكن أن يمر منها الموكب الرسمي، وحتى مصالح الأمن التي فوجئت بالأعداد الكبيرة جدا للشباب حاولت في بداية الأمر التزام مبدأ ضبط النفس، وعدم استفزاز الغاضبين، لكن ذلك لم يكن لوقت طويل، حيث عمد الشباب إلى إمطار قوات مكافحة الشغب بوابل من القذائف والحجارة، وتحطيم السياج الأمني المحيط بدار الثقافة. وكادت مجموعة من المتظاهرين أن تصل إلى المدخل الرئيسي للقاعة الكبرى، التي يتواجد فيها أزيد من 500 مناصر للمرشح بوتفليقة ودفعهم للخروج وهو ما تصدت له مصالح الأمن، إدراكا منها بخطورة الوضع. وظل أنصار المرشح الرئيس محاصرين داخل القاعة لعدة ساعات. ولم يتمكن حتى رجال الإسعاف من الوصول إلى الحالات المستعجلة نتيجة تعرض عدد من النساء لحالات الإغماء. وفي حدود الواحدة زوالا، قرر المنظمون الضغط على مصالح الأمن لفتح ممر لتحرير المحاصرين داخل القاعة الكبرى، ليبدأ بذلك الانزلاق الكبير، لما لجأ رجال الأمن إلى الاستعمال المكثف للغاز المسيل للدموع، لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا عند جميع مداخل المبنى، حيث تمكن عدد كبير من أنصار العهدة الرابعة من الخروج، من بينهم 40 صحفيا قدموا من العاصمة لتغطية تجمّع سلال. ولوحظ اعتداء على صحفيين من تلفزيون ”النهار”، إذ أصيبا بجروح. وقد كان رد فعل المعارضين كان حادا وتمكنوا من بلوغ حظيرة السيارات وإحراقها، ليتصاعد بذلك دخان كثيف من ساحة دار الثقافة. وعمدوا بعدها إلى قطع الطرقات بوضع المتاريس وأعمدة حديدية، تم قلعها من دار الثقافة، حيث كلما حضرت الشاحنة كاسحة الثلوج لفتح الطريق وإزالة المتاريس، عاد الشباب وأعادوا كل شيء كما كان. وللتذكير فإن أغلب الناشطين ضمن المتظاهرين والمنضوين تحت لواء ”الحركة من أجل التغيير” التي تأسست خلال الأيام الأخيرة، أكدوا عبر مكبرات الصوت رفضهم المطلق للانتخابات وأنهم لن يدعوا أي مترشح يدخل بجاية لتنظيم تجمعات في إطار الحملة الانتخابية، حيث قالوا في بيانات وزعت على المواطنين ”إن انتخابات 17 أفريل مرفوضة والعهدة الرابعة غير مرغوب فيها”.