روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال له حين بعثه إلى اليمن: ”بم تَحكُم”؟ قال: بكتاب الله، قال: ”فإن لم تَجِد”؟ قال: بسُنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: ”فإن لمْ تَجِد”؟ قال: أجتهد برأي، فضرب في صدره وقال: ”الحمد لله الّذي وَفَّقَ رسولَ رسولِ الله لِمَا يُرْضِي اللهَ ورَسوله”. وحتّى كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يَسألهم عن اليوم الّذي هم فيه والمَكان الّذي هُم فيه وهم يَعلمون حقّ العِلم، فيتحرّجون أن يُجيبوا إلّا بقولهم ”الله ورسوله أعْلَم” خشية أن يكون في قولهم تقدم بين يدي الله ورسوله. جاء في حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم سأل في حجّة الوداع ”أيّ شهر هذا”؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتّى ظننّا أن سيسمّيه بغير اسمه فقال: ”أليس ذا الحجّة”؟ قلنا: بلى! قال: ”أيّ بلد هذا”؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتّى ظننّا أنّه سيسمّيه بغير اسمه، فقال: ”أليس البلدة الحرام”؟ قلنا: بلى! قال: ”فأيّ يوم هذا”؟ قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتّى ظننّا أنّه سيسمّيه بغير اسمه، فقال: ”أليس يوم النّحر”؟ قلنا: بلى!...إلخ. ثمّ قال: ”أيّها النّاس إنّ دماءَكُم وأموالَكُم حرام عليكم كحُرْمَة يومِكُم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا”. فهذه صورة من الأدب ومن التّحرّج ومن التّقوى الّتي انتهى إليها المسلمون بعد سماعهم ذلك النّداء وذلك التّوجيه. أنشر على