أعظم مدرسة يتعلّم منها المؤمن الصّبر والتحمّل هي مدرسة الصّيام خصوصًا وهو اليوم يأتينا في جو حار ويوم طويل والأجر فيه بقدر المشقّة كما يقول العلماء. فمن أسماء الصّوم الصّبر كما جاء في السّنّة، بل إنّ بعض علماء التّفسير يقولون إن المقصود من قوله تعالى {واستعينوا بالصّبر والصّلاة وإنّها لكَبيرَةٌ إلَّا على الخاشعين} والمقصود بالصّبر هو الصّوم، ذلك أنّ الصّوم يربّي فينا قوّة الإرادة والتحمّل، فما أحوج الواحد فينا إلى الإرادة كي يمضي في حياته دون استسلام للمعوقات والملمات. والصّبر كما هو معروف دفع النّفس لتحمّل مشقّة زائدة على العادة وكذلك الصّائم وقد اشتدّ به العطش أو غالبيته شهوته يقوم متحديًّا بإرادة قويّة نفسه قائلًا “كلّا إنّي أخاف الله”، فالصّبر يقمع الشّهوة ويهذّب النّفس وهي وصية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم للشّباب الّذين خافوا على أنفسهم الفتنة “..ومَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له به وِجاء”. والصّبر مدرسة تخرّج منها العظماء، ويزيد أثره وقوّته إذا ما تعلّق صاحبه بالأجر والثّواب الأخروي وما أعدّه الله تعالى للصّابرين {إنّما يُوَفَّى الصّابرون أجرهُم بغَير حساب}، ذلك أنّ ألم البدن يزول إذا سمت نفس المؤمن وارتقت إلى عالم يسوده الإيمان والشّوق إلى ما عند الله تعالى “مَن ترك شيئًا لله عوّضهُ الله خيرًا منه”، وهي السّكينة والرِّضا والسّعادة الّتي تغمر قلب المؤمن الطّائع الصّائم القائم. أنشر على