بموافقة مكتب المجلس الشعبي الوطني، أول أمس، على تحويل مقترح للنواب لتعديل قانون الجمعيات إلى الحكومة لاستفائه الشروط، تكون السلطة قد قررت إعادة النظر في قانون الجمعيات، وذلك بعدما كان هذا القانون مصدرا لانطلاق سهام الانتقادات ضد السلطة، ليس فقط من الجمعيات الوطنية والمحلية، بل من قبل المنظمات الحقوقية الدولية التي طالبت بمراجعته، لأنه يهدد بقتل منظمات المجتمع المدني. شكّل قانون الجمعيات، الذي دخل حيز التنفيذ سنة 2012، بعد المصادقة عليه، القانون الأكثر انتقادا من قبل المنظمات الدولية الحقوقية وجمعيات حقوق الإنسان الجزائرية، بالإضافة إلى أحزاب المعارضة. قانون الجمعيات، كان من أهم مؤشرات قياس درجة رغبة السلطة في المضي نحو إصلاحات سياسية حقيقية بعد إقرار الرئيس بوتفليقة الإصلاحات. ولما خيب القانون آمال نشطاء المجتمع المدني وأحزابا سياسية وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان الوطنية والدولية، حكم على الإصلاحات السياسية للرئيس بالفشل. وقانون الجمعيات الجديد، هو أيضا القانون الأكثر إثارة لردود فعل منددة، إذ جمع نحو 22 جمعية وطنية ومحلية وعشرات الأساتذة الجامعيين والإعلاميين والمحامين، وقّعت على عريضة المطالبة بإلغاء قانون الجمعيات الجديد، التي أطلقتها ”الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان” ضد القانون، ودعت إلى ضرورة إلغاء قانون الجمعيات وصياغة قانون جديد في إطار مبادئ الحرية المنصوص عليها دستوريا”. وأجمعت الجمعيات الحقوقية الجزائرية والمنظمات الدولية، على غرار ”العفو الدولية” و”هيومن رايتس ووتش”، على مطلب تجميد العمل بقانون الجمعيات وإلغائه، باعتباره لا يستجيب لالتزامات الجزائر الدولية وكونه يتناقض مع الدستور. ورغم أن الوزارة الأولى ورئاسة الجمهورية لم يردا على العريضة التي أرسلت إليهما، إلا أن تنامي انتقاد نص القانون، خاصة من قبل المنظمات الدولية، وضع الحكومة في حرج، على ما اعتبر تراجعا في المبادئ الديمقراطية المتعلقة بتأسيس الجمعيات. وأول ما انتقد لأجله القانون، كان ”النظام التصريحي” الذي كان معمولا به من قبل، وتعد الماد ال39 أهم مادة وضعت كشوكة في حلق أعضاء المجتمع المدني، وهي المادة التي تسمح بتوقيف أو حل أي جمعية بسبب ”تدخلها في الشؤون الداخلية للدولة أو المساس بالسيادة الوطنية”. وطبقا لهذه المادة، يمكن للإدارة منع أي مواطن من إبداء رأيه في تسيير الشؤون العامة، المحلية أو الوطنية. ونالت هذه المادة حصة ”معتبرة” من النقد لدى المنظمات الدولية، كان آخرها التصريح المشترك لأربع منظمات حقوقية دولية، وهي ”الشبكة الأوروبية المتوسطية لحقوق الإنسان” و«منظمة العفو الدولية” و«هيومان رايتس ووتش” و«الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان”، التي بعثت برسالة إلى مسؤولي الاتحاد الأوروبي، تطالب فيها بالضغط على الحكومة الجزائرية، بمناسبة المفاوضات المقبلة حول خطة العمل بين الاتحاد الأوروبي والجزائر في إطار سياسة الجوار الأوروبي، وأوردت بخصوص قانون الجمعيات، إن مواد يتضمنها تنتهك حرية تأسيس الجمعيات وحق الجمعيات في التعاون فيما بينها والانضمام إلى جمعيات بالخارج، وهي النقطة التي أثارتها رابطتا حقوق الإنسان بالجزائر (الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان)، وكانت محل انتقادات شديدة من قبل المنظمات الحقوقية الجزائرية، حيث أقرت الحكومة البند المتعلق بمنع ”التمويل الخارجي” للجمعيات، لأسباب غذاها الوضع العربي والإقليمي المضطرب بعد الثورات العربية، واتهام منظمات أجنبية بتغذية الفوضى في البلدان التي شهدت العنف. ويأخذ على قانون الجمعيات الجديد، أنه يناقض المادة 41 من الدستور الجزائري التي تضمن للمواطن حرية التعبير وحرية الجمعيات والتجمع، وكذلك المادة 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية المصادق عليه من طرف الجزائر في 12 سبتمبر 1989. وأهم مشكلة واجهتها العديد من الجمعيات، في الميدان، بسبب القانون، تتعلق بحصولها على رخص المطابقة، بداية العام الجاري، حيث لم تتمكن عدد من الجمعيات من الحصول على هذه الرخص، وعزا قيادات هذه الجمعيات سبب ذلك إلى ”مواقفها المعارضة”، وقد منعت نحو 19 جمعية من عقد مؤتمرات المطابقة، ومن بين الجمعيات، الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.