أعابت المنظمة الحقوقية الأمريكية ”هيومن رايتس واتش” على السلطات الجزائرية التضييق والمتابعات القضائية التي تسلطها على نشطاء نقابيين لمجرد أنهم يخرجون في مظاهرات سلمية للمطالبة بتسوية أوضاعهم الاجتماعية والمهنية، وأكدت أن الجزائر تكون بذلك قد خرقت إحدى أهم الاتفاقيات التي أبرمتها مع منظمة العمل الدولية. واستعملت هيومن رايتس واتش، كلمات تعسف، قمع، مضايقات ومحاكمات جنائية، في وصف الممارسات التي تقوم بها السلطة ضد النقابيين خلال المظاهرات، واستدلت بالمطاردات التي تطال البطالين وأنصار اللجنة الوطنية للمتعاقدين ما قبل التشغيل، مثلما وقع أمام قصر الحكومة يوم 29 سبتمبر الماضي، حيث تم اعتقال 20 بطالا ثم تم إخلاء سبيلهم في نفس اليوم. وقلل جو ستورك، مندوب المنظمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من شأن الإصلاحات وقال إنها غير حقيقية لأنها لا تكفل حق النقابات والتظاهر وتسلط عليهم تضييقا كبيرا، حتى وإن كان الهدف من ذلك هو تحقيق العدالة الاجتماعية. وقالت هيومن رايتس واتش، إن ذلك نتج عنه مناخ من الترهيب والخوف حال دون تكوين نقابات مستقلة تنشط جنباً إلى جنب مع النقابات التي تدعمها الدولة، وعبرت عن أسفها لامتناع كل من وزير العدل حافظ الأختام، ووزارة الداخلية والجماعات المحلية عن الرد على تساؤلات واستفسارات المنظمة في رسالة وجهت لهما يوم 25 أفريل الماضي، ويتضمن موضوعها الكثير من الانتقادات للضغوطات التي يتعرض لها العمال. واعتمد تقرير المنظمة بشكل كبير على شهادات بعض النقابيين البارزين الذين كانوا محل متابعات. وقال العديد من النشطاء النقابيين ل”هيومن رايتس واتش” إنهم واجهوا عقوبات بسبب تنظيم إضرابات أو المشاركة فيها، وأوضحوا أنهم التزموا بالقوانين المتعلقة بالخطوات التي يجب اتباعها قبل الدعوة إلى الإضراب، ومن بينها استنفاد آليات الوساطة كما تنص على ذلك المادة 24 من قانون النقابات، وإعلام صاحب العمل قبل الإضراب بثمانية أيام، والتأكد من توفير الحد الأدنى من مواصلة الخدمة أثناء الإضراب، حيث تمنع المادة 33 من القانون فرض عقوبات على العمال المشاركين في إضراب قانوني. وشملت الانتقادات أيضا عدم حصول النقابات الخاصة على اعتمادات، بالرغم من مرور سنوات طويلة من إيداعها الملفات. وذكّرت في هذا الصدد بالاتفاقيات التي أبرمتها الجزائر مع منظمة العمل الدولية، والتي تتضمن الحق في حرية تكوين الجمعيات والمفاوضة الجماعية والإضراب، فضلا عن التزامات تجاه الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللذين يحميان الحق في حرية تكوين الجمعيات والتجمع، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي يكفل حقوقاً محددة تتعلق بحرية تكوين الجمعيات والانتماء إلى نقابات.