يجر الحديث عما صنعه نادي أجاكس أمستردام مع بداية السبعينيات، حين احتل كرويا أوروبا والعالم حتما، إلى التوقف لفترة عند أحد عباقرة الكرة خلال تلك الفترة، ونعني به الهولندي الطائر يوهان كرويف القائد الميداني لسيمفونية المدرب رينيس ميشالز، وأحسن من جسد طريقة الكرة الشاملة فوق المستطيل الأخضر. يعتبره الهولنديون أحسن لاعب لكل الأوقات وأكثر من أرعب الألمان في نهائي مونديال 1974 حين ربط مدرب “المانشافت” آنذاك الفوز بكأس العالم بمدى إمكانية توقيف مدلل الطواحين والحد من خطورته، بالاعتماد عن المدافع القوي بيرتي فوكس. ويعتبر “كرويف” الذي كان عاشقا للتدخين حتى في عز عطائه، أول وسط هجومي حاز على الكرة الذهبية التي تمنحها مجلة “فرانس فوتبول” الفرنسية لثلاث مرات متتالية خلال الفترة التي قاد خلالها أجاكس أمستردام للتربع على هرم القارة العجوز بمعية نجوم آخرين. كما يحوز سجل طائر “الطواحين البرتقالية” أيضا، على لقب أول لاعب دولي هولندي ينال البطاقة الحمراء بالنظر لانفعاله الكبير تجاه قرارات الحكام بتأثير مباشر من التدخين. وكان انتقال كرويف إلى نادي برشلونة بمثابة تحوّل كبير في مسيرة اللاعب، بدءا من أواخر 1973 بإشراف مباشر من الداهية “رينيس ميشالز”، مدربه السابق في “الأجاكس”، إذ ساهم اللاعب بفعالية كبيرة في إحراز الكاتالان للقب “لا ليغا” للمرة التاسعة في تاريخه، مع أفضلية الحفاظ على السجل خاليا من الهزائم طيلة موسم كامل ومباراة أسطورية بملعب “سانتياغو بيرنابيو” أمام الغريم الأزلي ريال مدريد، أين سقط أبناء العاصمة بطريقة مدوية أمام “البارصا” بخماسية نظيفة. تفضيل كرويف ل “البارصا” على حساب العملاق المدريدي بحجة دعم “فرانكو” لهذا الأخير، ضاعفت من شعبية يوهان لدى “الكاتالان” الذين استدعوه في ما بعد لتمثيل منتخب “كاتالونيا” بمعية مجموعة من لاعبي “البارصا”. الهولندي الطائر تحوّل في ما بعد إلى مدرب “البارصا” الأول، أين جسد طريقة لعب خاصة به مكنته من تحقيق دوري لقب رابطة أبطال أوروبا سنة 1992 على حساب سامبدوريا جنوة الايطالي بملعب “وامبلي” الشهير، في الثواني الأخير من الوقت الإضافي بفضل هولندي آخر يدعى رونالد كومان. ويرى العديد من متابعي الشأن الكروي الدولي، بأن طريقة اللعب التي اعتمدها كرويف في “البارصا” كمدرب آنذاك، ساهمت جليا في نشأة ال”تيكي تاكا” البارشلونية الحديثة تحت قيادة بيب غوارديولا، وهو اعتراف صدر حتى عن “الكاتالان” الذين نصبوا مدللهم كرئيس شرفي سنة 2010 ل”أف. سي. برشلونة”، مما جسد الارتباط الأزلي بين أبناء المقاطعة الشمالية والقادم من بلاد “الطواحين”، الذي وصل به الأمر إلى حد إطلاق تسمية كاتالونية على ابنه الأصغر “جوردي” الذي حمل ألوان “البلاوغرانا” لاحقا.