يتحسّر الكثيرون وخاصة من كبار السن من عدم قدرتهم على أداء فريضة الحجّ، إمّا لعجز في بدن أو عدم وفرة تكلفة الحجّ أو عدم ظهور أسمائهم على قائمة القرعة الرسمية، وذلك للفضل الكبير لفريضة حجّة الإسلام، قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "مَن حَجَّ ولم يرفُثْ ولم يفسق، رجَعَ كيومَ ولدتْه أُمُّه" رواه البخاري. لكن، ماذا يفعل المسلم الرّاغب في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام وقد حالتْ بينه وبين مُراده الظروف والأسباب، ولا شيء بيده إلاَّ أنْ يُفوِّضَ أمرَه إلى اللّه عزّ وجلّ، وأنْ يدعو اللّه تعالى مخلصًا له بأن يرزقه حجّ بيته المطهّر العام المقبل إن شاء اللّه تعالى. وممّا يُقلِّل من حَسرة المؤمن الأعمالُ الصّالحة الّتي أرْشَدَنا إليها سيّدنا رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وهي سهلة وليس فيها مَشقَّة على الإنسان، هذه الأعمال إنْ حافَظَ عليها المسلم والْتزَم بها، فإنَّ اللّه سبحانه وتعالى يَكتبُ له أجْرَ الحَجِّ، وكأنَّما ذهَبَ إلى مكّة المكرَّمة وأدَّى الحَجَّ، وهي: - نيَّة الحج والعُمرة نيَّة خالصة صادقة للّه تعالى، لأنّ المسلم عندما ينوي الحجَّ بنيَّة صادقة خالصة، ولم يذهبْ بعُذْرٍ، فإنَّ اللّه تعالى يكتب له أجْرَ الحَج. عندما رجَعَ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من غزوة “تبوك”، ودنا من المدينة، قال: “إنَّ بالمدينة لرجالاً ما سِرْتُم مَسِيرًا، ولا قطعْتُم وادِيًا إلاَّ كانوا معكم؛ حَبَسَهُم المَرَضُ”، وفي رواية: “حَبَسَهم العُذْرُ”، وفي رواية: “إلاَّ شَرَكُوكم في الأجْرِ” رواه البخاري من رواية أنس، ورواه مسلم من رواية جابر، واللفظ له. - المحافظة على صلاة الفجر في جماعة، قال النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم في الحديث الّذي أخرجه الترمذي عن أبي أُمامة أنَّه قال: “مَن صلى الفجر في جماعة ثُمَّ جلَس يذكُر اللّه حتّى تطلُع الشّمسُ، ثمّ قامَ فصَلّى ركعتين، كُتب له أجْرُ حَجَّة وعُمرة تامَّة، تامَّة، تامَّة”. - حضور مجالس العلم في المسجد؛ فقد أخرج الطبراني والحاكم عن أبي أُمامة رضي اللّه عنه أنّ النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم قال: “مَن غَدَا إلى المسجد لا يُريد إلاَّ أن يتعلَّم خيرًا أو يعلّمه، كان كأجْرِ حاجٍّ تامًّا حَجَّته”. - أداء الصّلاة المكتوبة في المسجد؛ فقد أخرَج الإمام أحمد بسندٍ حسن عن أبي أُمامة رضي اللّه عنه أنَّ النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم قال: “مَن مَشَى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة، فهي كحَجَّة، ومَن مشى إلى صلاة تطوُّع- أي صلاة الضُّحى- فهي كعُمرة نافلة”. وأخرج أبو داود من حديث أبي أُمامة رضي اللّه عنه أيضًا أنَّ النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم قال: “مَن خرَجَ من بيته مُتطهِّرًا إلى صلاة مكتوبة، فأجْره كأجر الحاج الْمُحْرِم، ومَن خرَجَ إلى تسبيح الضُّحى لا يُنْصِبه إلاَّ إيَّاه، فأجْرُه كأجْرِ المعتمِر، وصلاةٌ على أَثَر صلاة لا لَغْو بينهما كتابٌ في عِلِّيين”. - عُمرة في رمضان، إنْ عجزتَ عن الذّهاب إلى الحَجّ فاجتهدْ أن تعتمرَ في رمضان؛ فإنَّ هذا فيه ما فيه من الأجر؛ فهو يَعدِل حَجَّة مع النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم. فقد أخرج البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عن عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما أنَّ النّبيّ صلَّى اللّه عليه وسلَّم قال لامرأةٍ من الأنصار يُقال لها: أُمُّ سِنَانٍ: “ما مَنَعَكِ أن تكوني حَجَجْتِ مَعَنا؟!”، قالتْ: نَاضِحَان كانا لأَبِي فلانٍ- زوجِها- حَجَّ هو وابْنُه على أحدِهما، وكان الآخر يَسْقِي عليه غُلامُنا، قال: “فعُمْرةٌ في رمضانَ تَقْضِي حَجَّةً، أو حَجَّةً معي”، وعن ابن عبّاس رضي اللّه عنهما أنَّ النّبيَّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: “عُمْرةٌ في رمضانَ تَعْدِلُ حَجَّةً، أو حَجَّةً مَعِي” متفقٌ عليه. - برُّ الوالدين: أخرج أبو يَعْلى بسند جيِّدٍ أنَّ رجلاً جاء إلى رسول اللّه صلَّى اللّه عليه وسلَّم وقال: إنِّي أشتهي الجهادَ ولا أقدر عليه، قال: “هل بَقِي مِن والديك أحدٌ؟”، قال: أُمِّي، قال: “فأبل اللّه في برِّها، فإذا فعلتَ فأنتَ حاجٌّ ومُعْتَمِر ومُجاهد”. وعند الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشُّعَب من حديث أنس رضي اللّه عنه بلفظٍ آخر: أنَّه أتَى رجلٌ إلى رسول اللّه صلَّى اللّه عليه وسلَّم فقال: إنّي أشتهي الجهاد، وإنّي لا أقدر عليه، فقال له الرّسول صلَّى اللّه عليه وسلَّم: “هل بَقِي أحدٌ من والديك؟”، قال: أُمِّي، فقال له رسول اللّه صلَّى اللّه عليه وسلَّم: “فاتَّقِ اللّه فيها، فإنْ فعلتَ فأنت حاجٌّ ومُعتمِر ومُجاهد”.