تم جدولة ملفي الفساد في سوناطراك 1 والطريق السيار للمحاكمة قبل تأجيلهما للدورة الجنائية المقبلة، ما هي ملاحظاتكم حول الملفين؟ حتى وإن كانت قرينة البراءة متوفرة للمتهمين، أفضل دليل لانتشار الفساد في قضية الطريق السيار شرق - غرب على سبيل المثال ظاهرة بشكل كبير وواضح. مشروع مكلف للغاية، ورشة غير منتهية، منشآت خطيرة جدا (أوتوموت وليس أوتوروت) صفقة عمومية مبهمة، وإنجاز رديء، إلخ. إنّه حصاد محزن وللأسف غير مكتمل. ومن المعلوم، أنه كلما كان الفساد كبيرا، كلما انعكس ذلك سلبا على نوعية المشروع! لقد نجحت السلطة في تحقيق هدفها من خلال برمجة المحاكمات بعد سنوات عديدة من التماطل والجمود.. كيف سيتفاعل محامو الدفاع، وكيف ستعالج الصحافة هذه المحاكمات و”تهدئة” الرأي العام. إن التأجيلات المتعمّدة من طرف السلطة ستسمح لها بتوجيه أفضل لسير المحاكمات لاحقا، وبطي أوراقها، ثم ترك الزمن لينسي الرأي العام هذه الفضائح. هل تعكس برأيكم برمجة هذه الملفات للمحاكمة عن وجود إرادة لدى السلطة لمحاربة حقيقية للفساد؟ إن الطريق السيار وسوناطراك 1، مصدر صداع كبير للسلطة، ولا يمكنها التخلص منه بطريقة عرضية، وفي نفس الوقت هو تحول القضيتين إلى هاجس يؤرقها، لأنه حتى وبعد انتهاء المحاكمات يوما ما، ستبقى آثارهما. بالنسبة إلى الطريق السيار شرق – غرب، الأثر المادي للفساد ل”مشروع القرن” صعب المحو ولمدة طويلة جدا. إن الإرادة الوحيدة للسلطة تتلخص في مواصلة ممارسة الوصاية على تحقيقات الشرطة القضائية والعدالة. لذا، هاتان القضيتان، اللتان لهما تداعيات دولية ثقيلة، يصعب على السلطة إدارتهما. إن مخرج النجاة للسلطة من هذه المعضلة، هو الإسراع بتصفية هذه القضايا في سنة 2015، حتى تتوقف وسائل الإعلام عن الخوض فيها. هل ترى أن شروط المحاكمة العادلة متوفرة؟ السلطة تريد التخلص من هذه المحاكمات، مهما كان الثمن، خاصة من خلال عرقلة الإجراءات الأساسية للعدالة. ووجدنا أن محامي الدفاع لم يتوقفوا عن التنديد بالظروف السيئة التي يتم فيها تحضير المحاكمات. وكمثال على ذلك، قضية الطريق السيار شرق – غرب، والتي تم تأجيلها بسبب عدم حضور المحامي الفرنسي ويليام بوردون، الذي يدافع عن أحد المتهمين الرئيسيين، لعدم حصوله على التأشيرة الجزائرية، ذريعة مقصودة من طرف السلطة السياسية؟ السلطة البوليسية، مستبدة، قمعية وقاتلة للحريات، لا يمكنها أن تقبل بمنح تأشيرة للمحامي ويليام بوردون، لأنها تنظر إليه على أنه ليس محاميا فقط، وإنما رئيس المنظمة غير الحكومية الفرنسية ”شاربا” التي من مهامها الرئيسية مكافحة الفساد الاقتصادي والمالي، وقضايا تملك العقارات في فرنسا من طرف مسؤولين أجانب فاسدين. بالنسبة إلى السلطة، هذه التأشيرة كانت ستكون فرصة رائعة لويليام بوردون للدفاع – عن قناعة واقتدار- ضد فساد الموظفين الأجانب في صفقات تجارية دولية! إن قضية الطريق السيار، خصوصية جزائرية لا توجد في أي مكان آخر في العالم! أما بالنسبة إلى السلطة القضائية التي أرسلت متأخرة استدعاء للمحامي ويليام بوردون، تشويش من طرف قضاء مدعاة للشفقة وخاضع للأوامر. يلاحظ غياب السياسيين في الملفين، كالوزراء، واقتصار الأمر على إطارات من الصف الثاني؟ قبل أيام، نشر موقع إلكتروني خبرا حول الملفين، تحت عنوان ”مسؤولون سياسيون خارج القفص بطريقة غريبة”! لماذا الأمر غريب؟ في الواقع هذا أمر ”طبيعي”، لأنه للأسف، يتماشى مع طبيعة وروح هذه السلطة الفاسدة التي تتعامل بمكيالين في مثل هذه القضايا.. هناك أشخاص محميون مثل محمد بجاوي وشكيب خليل وعمار غول، على الأقل في الوقت الحالي، على اعتبار أن قضاة إيطاليين يحققون في قضية ”سايبام –سوناطراك” جمعوا أدلة دامغة تخص محمد بجاوي. خليل وبجاوي لا يتوليان أي مناصب رسمية وهذا أفضل، بينما عمار غول فهو لا يزال يعاني من تبعات ما يتداول عنه وما جلبت له من متاعب، منذ أن دخل الحكومة من بوابة وزارة الصيد البحري إلى منصبه الحالي كوزير للنقل مرورا بوزارة الأشغال العمومية. إذا كانت السلطة تريد حقا مكافحة الفساد، فلتبدأ بإقالة هذا الوزير وإحالته على العدالة، خاصة وأن هذا الوزير لا يملك الشجاعة الكافية لكي يستقيل. فعلا، هؤلاء ”أصحاب المناصب العليا” في السلطة الحالية، يحظون بالحماية، على حساب موظفين ومسيرين يأتمرون بأوامرهم، وهم بذلك يستحقون ما يحدث لهم، لأن الموظف أو المسير الشريف لا يقبل منصب مسؤولية في سلطة تجعل من الفساد سجلا تجاريا. هل ترى أن هناك مسؤولين معنيين في الدولة لهم مسؤولية في الملفين؟ علينا أن نسجل النفاق الموجود لدى بعض عناوين وسائل الإعلام فيما يخص هذين الملفين. لماذا لا يذكرون اسم محمد بجاوي؟ وهو المتورط رفقة الفرنسي بيار فالكون في قضية الطريق السيار شرق – غرب؟ لماذا تحمّل هذا الرجل مصاريف إقامة فالكون في الجزائر، لما كان يترأس المجلس الدستوري. هذا التصرف فريد من نوعه. من المؤكد أن مدبري هذه القضايا يختبئون داخل السلطة ومحيطها. هؤلاء المدبرون يحمون منفذي هذه القضايا، وفي نفس الوقت يجعلون من آخرين كباش فداء. جيلالي حجاج، رئيس الجمعية الجزائرية لمحاربة الرشوة