يتحدث وليام بوردون، المحامي الفرنسي للمتهم الرئيسي في قضية الطريق السيار شرق غرب، عن ملابسات احتجاز موكله وظروف اعتقاله التي تخلتلها عمليات تعذيب، من وجهة نظره. ويؤكد على هذا الأساس أن جميع الاعترافات التي ذكرها لقاضي التحقيق غير مؤسسة ولا يمكن البناء عليها لإصدار حكم في حقه. وكان وليام بوردون قد أثار ضجة بغيابه عن جلسة المحاكمة قبل نحو أسبوع، متحججا بعدم حصوله على التأشيرة. وفي هذا الحوار الذي خص به “الخبر” ينفي أن يكون غيابه متعمدا لغرض تأجيل المحاكمة. ما هو الهدف من زيارتكم للجزائر الآن، خاصة أن المحاكمة تم تأجيلها إلى الدورة الجنائية القادمة؟ أنا ضمن فريق محامي مجدوب شاني منذ سنتين، ومن الطبيعي في هذه الحالة أن نلتقي دوريا لننسق جهودنا. كما أني بحاجة للقاء موكلي والاستماع إليه، فهذا من واجب الدفاع. لكنك كنت تستطيع المجيئ قبل المحاكمة؟ كان هناك مشكل إداري بسبب عدم حصولي على التأشيرة الجزائرية، وهذا ما جعلني لا أستطيع الحضور. البعض قال إن غيابك كان متعمدا وهو تكتيك من قبلكم لتأجيل المحاكمة؟ لا يمكن التصور أنني سأقوم بذلك حتى أحصل على تأجيل المحاكمة، أنا طلبت الفيزا قبل المحاكمة وكنت أنوي الحضور ولم أكن أستطيع التكهن بتأجيل المحاكمة أو عدم ذلك، فأنا لا أعلم المستقبل ولست نبيا. هل أسباب تأجيل محاكمة الطريق السيار معقولة في اعتقادك؟ في كل دول العالم، عندما لا يحضر محامو متهم ما تؤجل المحاكمة. هذا يسمى احترام حقوق الدفاع. هل تعتقد أن المناخ الحالي قانونيا وسياسيا في الجزائر مهيأ لتحقيق محاكمة عادلة؟ لا يمكن بكل حال التعليق على الوضعية السياسية والقانونية في الجزائر، هذا ليس دوري. انشغالنا في فريق الدفاع هو أن تتحقق براءة مجدوب شاني. لأننا نعتقد أن موكلنا تعرض إلى نوع من الاضطهاد القانوني. تعرض للاضطهاد.. كيف ذلك؟ أي محام مبتدئ يدرس هذا الملف، يكتشف حقيقة مذهلة أنه لا توجد أي تهمة ثابتة في حق المتهم الرئيسي. الأمر الآخر أن مجدوب شاني تم إيقافه من قبل الشرطة في الوهلة الأولى، ثم استمع إليه قاضي التحقيق في المرحلة الثانية. وقد بقي إثر ذلك 3 أسابيع رهن الاحتجاز السري، وهذا يعد في حد ذاته خرقا لمبادئ العدالة، ناهيك عن تعرضه في الاحتجاز للمعاملة السيئة والتعذيب ومناخ ترهيب وضغط، حيث كان يسمع أصوات صراخ. ما نطلبه الآن من القاضي الجزائري كنا سنطلبه من قاض فرنسي أو إيطالي أو غير ذلك، ففي الدول الديمقراطية يستحيل أن تجري محاكمة عادلة وقد جرت كل هذه الخروقات. لكن التحقيق كشف أن موكلكم أخذ هدايا واستفاد من عمولات لم تكن من حقه؟ لا أشاطرك ما تقول. العناصر الفعلية التي قمنا بتحليلها، أثبتت عدم وجود أي رابط بين الوقائع المتهم فيها مجدوب شاني والأحداث المذكورة. فعلا هناك تصريحات لموكلي، لكنها أُخذت في الاحتجاز السري ولا يمكن أن تشكل أبدا أساسا قانونيا للمتابعة بالنسبة له. من يمكن أن يثبت أن موكلكم تعرض للتعذيب كما تقول؟ صحيح أن من يقومون بهذه العملية لا يتركون أي أثر وينظمون عملهم بشكل يجعل منهم بعيدين عن المساءلة. لكن هناك شهادات وعناصر طبية تثبت ذلك، فالوضعية المتدهورة التي وجد عليها مجدوب شاني بعد المساءلة، لا تترك أي مجال للمناقشة حول هذه المسألة. وحسب قوانين الأممالمتحدة، فإن الشكوى المودعة تكون دائما محل نظر حتى ولو أن الضحية لا يمكنه أن يقدم كافة الدلائل والقرائن التي تثبت التعذيب. هل تريد القول أن موكلكم كان كبش فداء في القضية؟ لا يمكنني كمحام أن أدلي بمثل هذه العبارات. أقول إن في الملف عوامل قوية تثبت للقضاة الإجراءات غير العادلة التي تعرض لها موكلي. أما إذا كان هناك أحكام مسبقة في القضية أو أجندات ليس ذلك قضيتي. بعض المحامين الجزائريين قالوا إن تأسّسك كفرنسي في القضية هو علامة عدم ثقة في العدالة الجزائرية؟ القول بهذا هو هجوم على مواثيق التعاون بين العدالتين الجزائرية والفرنسية، والتي يستطيع بموجبها المحامون الجزائريون أن يرافعوا في فرنسا ونظراؤهم الفرنسيون أن يرافعوا في الجزائر. هذا شرف للمحامين أن يستطيعوا التعاون، وقد سبق لي المرافعة في العديد من البلدان المغاربية وبلدان الساحل، وذلك بفضل الصداقة والعلاقات التاريخية والثقافية التي تجمعنا. لذلك فإن مثل هذه التصورات هي قراءات فردية لا تلزم إلا أصحابها. هل التقيت مجدوب شاني؟ نعم التقيته اليوم (أمس) ماذا قال؟ هناك أشياء تدخل في سرية الملف. لكنه مثلما أعرفه بدا شجاعا ومصرا على براءته، رغم أنه في وضعية صعبة لأنه يوجد في السجن منذ سنوات وملفه فارغ تماما. هل حصلتم على تاريخ لإعادة انطلاق المحاكمة؟ ليس بعد. القانون الجزائري لا يسمح لكم بالمرافعة بالفرنسية؟ رافعت من قبل لمدة 30 أو 40 دقيقة في الجزائر. هذا يتوقف على القضاة وليس قاعدة عامة. هل ستدعون شهودا جددا في القضية؟ سنقوم بالاجتماع لتحديد استراتيجيتنا في الدفاع. هل تعتقدون أن العدالة ستنصف موكلكم؟ هناك رائحة تجعلنا نعتقد أننا لسنا في وضعية عادية. لكن هناك قضاة جادون وينبغي دائما وضع الثقة في العدالة. طبعا وهذا لا يعني أن نكون سذجا وناقصي فطنة. نحن نعتقد أن الأمور لو سارت بشكل طبيعي لكان مجدوب شاني قد أخذ براءته منذ مدة. لكن هناك ظروفا جعلت من الملف معقدا.