فجّر تمثال رائد النهضة الجزائرية، عبد الحميد بن باديس، الذي نصب بوسط مدينة قسنطينة مقابل قصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أبدى الكثير من سكان المدينة وبعض المثقفين والناشطين في المجموعات على صفحاتهم، استياءهم من منظر التمثال الذي لا يعكس أبدا وجه العلامة، كما أكدوا أن موقع وضعه قلّل كثيرا من قيمته. أكدت مصادر مطلعة ل”الخبر”، أن عائلة الراحل عبد الحميد بن باديس، وفي ذكرى يوم العلم المصادفة ل16 أفريل، وهو تاريخ وفاته، قد رفعت رسالة احتجاج إلى السلطات الولائية والوطنية، بعد وضع المجسم الذي يرمز لشخصية المفكر ابن باديس بقلب المدينة، أياما معدودة قبيل إعطاء إشارة الانطلاق الفعلي لفعاليات تظاهرة قسنطينة، حيث اعتبرت العائلة أن التمثال بعيد عن شكله ولا يعبر عنه ولا يشبه صورة وجهه الحقيقي، حيث ظهر فيها شيخا هرما وبنظرة حزينة لم تبرز شخصيته الاستثنائية والقوية، خاصة وأن ابن باديس توفي في سن مبكرة ولم يصل إلى سن الشيخوخة. وعبّر عدد من المواطنين والفايسبوكيين عبر صفحاتهم وممن تحدثت “الخبر” معهم، عن امتعاضهم من ترك هذا التمثال مهملا ومن دون حواجز تمنع الوصول إليه، خاصة وأنه عرف توافد المئات من الأشخاص لأخذ صور تذكارية معه، وتقف أمام محاولات تخريبه أو العبث بصورته عن طريق الرسوم أو الكتابات، أو استعماله في صور مضحكة، على غرار قيام مراهقين بوضع سيجارة في فمه وأخذ صورة معه مع فنجان قهوة، نشراها على صفحتيهما على موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك”، وهي الصورة التي أخذت حظا كبيرا من التداول والتعليقات، وعرفت تنديدا واستنكارا كبيرين، وأكدت أن التمثال لم يؤد الوظيفة التي نصب لأجلها، وهو التعريف بالعلامة كرمز، وإنما أصبح التمثال محل سخرية. واستغرب الفايسبوكيون وبعض الزائرين للتمثال من جهة أخرى، صورة ابن باديس الحزينة واليائسة، والتي لا تعكس فكر العلامة ابن باديس، الذي كان من بين المحفزين للشباب والداعين للتمسك بالأمل والإيمان في تحرير العقول والوطن من الاحتلال الفرنسي، كما استهجنوا تغيير ملامح وجهه بطريقة كبيرة، لدرجة أنه أصبح يشبه التماثيل الرومانية، وبوجه لا يعرفه القسنطينيون والجزائريون بصفة عامة، كما توقعوا أن يوضع تمثاله في مكان أعلى وأكثر ارتفاعا يليق بمكانته ودوره وتاريخه المشرق، إلا أنه نصب في زاوية يمكن لآي شخص الوصول إليها والعبث به. وفي الواقع، لم يكن التمثال مبرمجا في مشروع تهيئة ساحة الشهداء بوسط مدينة قسنطينة، وقدمته المقاولة التي أشرفت على الإنجاز لمدينة قسنطينة والتظاهرة كهدية منها، حيث تم تصميمه ونحته من قبل مكتب دراسات برتغالي، قال عنه مدير الثقافة، جمال فوغالي، ل”الخبر”، إنه فخر لقسنطينة، لأنه أول تمثال في الجزائر يمثل العلامة بن باديس، وسيجعل الوافدين على الولاية يرون صورة العلامة العارف الذي يسمعون عنه، ولم يتعرفوا عليه، حتى وإن كانت الصورة لا تشبهه، مشيرا في سياق حديثه إلى أن التمثال الرمزي سيرسّخ قيمة ابن باديس في نفوس الأطفال بأخذ صور تذكارية، مؤكدا أن موقعه جاء مقابلا لمجسّم الكتاب الذي شيّد بساحة الشهداء وبنظرة ثاقبة لابن باديس نحو قصر الثقافة، وبينهما هذا الكتاب المفتوح الذي يعانق سماء قسنطينة الشامخة.