فتحت المقابلة الكروية بين وفاق سطيف والرجاء البيضاوي صفحة جديدة في كتاب أزمة العلاقات الرياضية بين الجزائر والمغرب، بعد الادعاءات المغربية بأن الوفد البيضاوي تعرّض إلى اعتداءات في أعقاب المقابلة التي أقصي فيها ممثل المملكة، يوم الجمعة بملعب 8 ماي 45 بسطيف، بضربات الترجيح، من الدور ثمن النهائي لرابطة أبطال إفريقيا. لم يكن الحادث الجديد الأول من نوعه في العلاقات الرياضية بين الجزائر والرباط، فقد سبقته عدة حوادث، وكانت في كل مرة تنفجر أزمة، تعرف درجة تسمم العلاقات تزايدا بين البلدين الجارين. وكان ممكنا الاستفادة من القرب الجغرافي للبلدين والعديد من القواسم المشتركة التي تجمع الجزائر والمغرب لتحسين العلاقات الرياضية، بدلا من الاستمرار في تعكير الأجواء وحرمان شباب البلدين من التعبير عن مواهبهم وتفجير طاقاتهم.وفي كل مرة يجتهد الجانب المغربي في إطلاق أحكام غير موضوعية لتشويه صورة الجزائر والإساءة إليها، انتقاما من دعم الجزائر للصحراء الغربية. وكان حبس الرياضي الجزائري إسلام خوالد في المغرب على خلفية اتهامه بانتهاك عرض طفل مغربي، أخطر حادث في العلاقات الجزائرية المغربية، فقد سجن الرياضي الجزائري، برغم صغر سنه، وسط تحامل إعلامي كبير ضد الجزائر.ولم تفلح كل المساعي الدبلوماسية لوقف تنفيذ الحكم الذي كان قاسيا على الشاب الجزائري، ومعه شعر الجزائريون بإهانة القضاء المغربي للجزائريين بعد إدانة شاب قاصر جاء في ثوب ضيف للمشاركة في دورة ودية في منافسة الألواح الشراعية. روراوة ضحية اتهامات حول ”كان 2015” ولم يسلم رئيس الفاف، محمد روراوة، من الاتهامات المجانية المغربية، فقد اعتبرته دوائر رياضية في المغرب أنه ساند بقوة العقوبات التي فرضتها الكنفيدرالية الإفريقية ضد المغرب، على خلفية رفض المغرب تنظيم كأس أمم إفريقيا لكرة القدم الأخيرة في موعدها، بدعوى انتشار داء إيبولا، في الوقت الذي فضّل فيه روراوة الصمت للرد على انتقادات المغاربة، برغم قسوة الحملة التي تعرض لها. واستغل المغاربة فرصة تنظيم كأس العالم للأندية الأخيرة، لتوجيه شتائم إلى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، وانتقم المغاربة من الجزائريين عن طريق تشجيع منافسي وفاق سطيف في مونديال الأندية.وقبلها، أرادت الاتحادية المغربية لكرة اليد توريط المجمع الرياضي البترولي في أزمة سياسية، عندما أوقعت ممثل الجزائر في مجموعة ضمت وداد السمارة، الذي يوجد مقره في الصحراء الغربية، التي لا تعترف الجزائر بسيادة المغرب عليها.ولم يترك المغاربة أي خيار للمجمع إلا الانسحاب من المنافسة، بعد استشارة المسؤولين السياسيين في الجزائر.ووقتها، اعتبر المسؤولون في الاتحادية المغربية أنهم لا يمارسون السياسة، في تعليقهم على انسحاب المجمع الرياضي البترولي، وراح أحدهم يقول إن الموقف الجزائري يعني أن الجزائر طرف في نزاع الصحراء الغربية، دون أن يخوض في النوايا المبيّتة لاستدراج المغرب للجزائر للاعتراف بأن الصحراء الغربية تعد مغربية من خلال ضم ناد صحراوي تحت مظلة مغربية، وقد تلتها حملة عدائية شنها الإعلام المغربي ضد موقف المجمع الرياضي البترولي. المغاربة يشكون ويستنجدون بوزير الداخلية ولم تكف الحوادث السابقة التي زادت من ثقل أعباء الخلافات السياسية وقللت من فرص الانفراج السياسي، الجانب المغربي، فقد صب الزيت على النار في الأحداث التي عرفتها المقابلة بين وفاق سطيف وضيفه الرجاء البيضاوي، وكانت كل المؤشرات تدل على أن الرجاء يبحث عن توتير العلاقات وتفجير الخلاف في مقابلة العودة، بالنظر إلى تصريحات مسؤوليه وحارسه، حين لفتوا إلى أن لاعبي الوفاق توعدوهم بالثأر منهم في لقاء العودة، في إشارة إلى الشعارات التي رفعتها الجماهير المغربية في ملعب (محمد الخامس) بالدار البيضاء في لقاء الذهاب للتأكيد على مغربية الصحراء الغربية، وأيضا حين أكد رئيس الرجاء على تغليف الطائرة الخاصة التي قلّت الوفد المغربي إلى الجزائر بالعلم المغربي. وبدا أن كل شيء كان مرتبا له، فبعد ساعات من انتهاء المقابلة، رفع الرجاء تقريرا إلى الهيئة القارية، مستغلا العلاقة السيئة بين الجزائر ورئيس الكاف، عيسى حياتو لمعاقبة الوفاق. ولم يتأخر المغرب في إعطاء طابع سياسي للمقابلة، حين دخل وزير الداخلية المغربي على خط الحادث الجديد، طالبا من السفير المغربي إعداد تقرير عما وصفته تقارير صحفية مغربية بالاعتداءات التي تعرض لها أعضاء الوفد المغربي، في خطوة لا يمكن التنبؤ بتداعياتها إلا بتمديد أكثر للمسافة عن حل كل المشاكل السياسية بين البلدين.