يحتضن متحف الفنون المعاصرة بالعاصمة “سينماتيك” معرض “أسطورة نشأة السينماتيك الجزائرية” وذلك من 9 ماي إلى غاية 9 جويلية القادم، في أول خطوة لحماية الموروث السينمائي الجزائري وحفظ الذاكرة من التلف، بالاستعانة بالخبرة الدولية تحديدا منظمة “اليونسكو”. تأتي مبادرة تنظيم المعرض لسينماتيك الجزائر، التي يشرف عليها الناقد والأستاذ أحمد بجاوي، بعد أن أصبحت عدة أفلام جزائرية مهددة بالضياع، على غرار النسخة الأصلية لفيلم “تحيا يا ديدو” 1971 للمخرج الراحل محمد زنات، “شحال نحبك” 1985 للمخرج عز الدين مدور، وغيرها من الأفلام الجزائرية الهامة التي توجد لها اليوم نسخ أصلية، وتحتاج عملية إنقاذها من الضياع إلى التعاون المستعجل مع مؤسسات أجنبية للحفاظ على الذاكرة، منها الاستعانة بخبرة “اليونسكو”. يستعد متحف الفنون المعاصرة وقاعة “سينماتيك” العاصمة لاحتضان حدث سينمائي تاريخي هام، وذلك لمدة شهرين تقريبا، حيث سيتحول المتحف إلى ملتقى للذاكرة السينمائية الجزائرية من أفلام، صور، أرشيف وأحداث. وأوضح الناقد السينمائي ومحافظ التظاهرة، أحمد بجاوي، خلال ندوة صحفية نشطها أمس، رفقة مدير “سينماتيك الجزائر”، الياس سميان، أن المبادرة تخلد مسيرة عشق وإبداع الجزائر السينمائي من جانفي 1965 إلى نهاية المهرجان الثقافي الإفريقي 2008. وبالمناسبة، سيحل كل من المخرج العالمي كوستا كافراس ضيفا على الجزائر خلال يوم افتتاح المعرض السبت القادم، كما سيكون الحدث لقاء يجمع المتخصصين في مجال السينما بجون ميشال وابنة رونيه التي تعمل مديرة للآثار بالمركز الفرنسي للسينما، بالإضافة إلى مسؤولين من “اليونسكو” للبحث عن أحسن الطرق للحفاظ على الذاكرة السينمائية الجزائرية. هل سيأتي يوم تختفي فيه أفلام رفعت أسماء الجزائر عاليا في المهرجانات ك”الأفيون والعصا” و”معركة الجزائر”؟ الهاجس الكبير الذي يعيشه اليوم صناع السينما في الجزائر، كما أوضح الناقد أحمد بجاوي أن مهمة الحفاظ على الذاكرة السينمائية الجزائرية تتطلب كثيرا من الجهد والبحث، وذلك بعد أن أصبحت عدة أفلام جزائرية مهددة بالاندثار، بسبب عدم توفر النسخ الأصلية وعدم رقمنة الأفلام، مضيفا أن بعض ملصقات الأفلام الجزائرية الهامة ل”حسان طيرو”، لم تكن موجودة في الجزائر، وعثر عليها فقط لدى الأرشيف الفرنسي. يشمل برنامج التظاهرة أربعة معارض تكرّم الممثل الجزائري الراحل سيد علي كويرات، والمصور الإيطالي ألفونسو أفيغولا، وفيكونتي لوشينو، بالإضافة إلى بانورما ملصقات أهم الأفلام العالمية، كما سيتم عرض أفلام جزائرية وعالمية هامة أمام الجمهور بقاعة “سينماتيك الجزائر”، وسينتقل جزء من المعرض إلى قسنطينة، والمركز الثقافي الجزائري بباريس، وأيضا بمهرجان وهران الدولي للسينما العربية، وذلك بدعم من الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، حيث يهدف المعرض إلى التذكير بتاريخ إنشاء “سينماتيك الجزائر” عبر الوقوف عند أبرز المحطات والأعمال التي أنتجتها السينما الجزائرية. وسعى مدير عام المركز الوطني للسينما الوطنية، محي الدين موساوي، سنة 1962، للحفاظ عليها بكل الطرق، حيث قام في عهد وزير الإعلام الأسبق، محمد يزيد، برحلة تأسيس “سينماتيك الجزائر” رفقة جان ميشال آرنولد، لينطلق الحلم لأول مرة بشكل رسمي يوم 23 جانفي 1965. يعتبر تاريخ “سينماتيك الجزائر” غنيا بالأحداث الهامة، حيث نجحت في ظرف قياسي في استقطاب أزيد من 605 فيلم سنة 1965، ليرتفع العدد مع حلول العام 1968 إلى عرض 1701 فيلم، شاهدها ما لا يقل عن 456000 شخص، كما يمكن القول إن “سينماتيك الجزائر” حققت نجاحات عالمية، ليس فقط على مستوى العروض والإنتاج المحلي، وإنما أيضا على مستوى المحطات الهامة التي جعلت من الجزائر قبلة كبار المخرجين العالميين، ولا يمكن اليوم الحديث مثلا عن مسيرة المخرج المصري الراحل يوسف شاهين، دون الحديث عن زيارته إلى الجزائر، التي فتحت له أبواب العالمية، نفس الشيء تقريبا لعدة مخرجين عالميين تسابقوا على زيارة الجزائر وتقديم عروضهم في قاعة “سينماتيك الجزائر”، بعد أن أصبحت هذه المؤسسة الجزائرية في ستينيات القرن الماضي تتربع على المركز الثاني عالميا.