ابتسم حمروش مطولا وقال: لقاؤنا اليوم لا يعني أني سأترشح لموعد أفريل 2014، بل إني أود أن أسلم لكم بيانا أعبّر فيه عن وجهة نظري لما يحدث في البلد.. قلت: هذا جيد سيد حمروش، وأنا سعيد بأن تخرج في الأخير عن صمتك بعد مدة ليست بالقصيرة، وكنا في العديد من المرات حاولنا أخذ موقفك في القضايا التي تهم البلاد وكنت تعتذر في كل مرة.. ابتسم ”رجل الإصلاحات” من جديد وأردف يقول: ”هذا صحيح.. لكن الوضعية الحالية التي وصلت إليها البلاد لا أعتبرها حساسيات أو صراعا بين أشخاص، بل تعبّر عن وصول منظومة الحكم إلى حالة الانسداد.. فالنظام وصل إلى نهاية المطاف لأنه أصبح عاجزا عن التوافق لصناعة مرشح للانتخابات.. فالمشكل إذن ليس في الأشخاص، بل في الآلية”.. ويضيف حمروش: ”هذا ما يدفعني للقول إن هذه الوضعية يجب ألا تهدد استقرار البلاد”. وأوضح حمروش بأن النظام أصبح في هذا الوضع الهش نظرا لوجود سلطة وغياب سلطة مضادة يمكنها أن تحمي حقوق جميع المواطنين وكل مكونات المجتمع.. سلطة قادرة على إيجاد صيغ توافقية تمكّنها من حماية حقوق الأقليات ومصالح الجميع. وفي سؤال يتعلق بإمكانية ترشحه لاستحقاق أفريل، أعادنا السيد مولود حمروش إلى تصريحاته السابقة في الموضوع، وأكد أنه لن يخوض سباق الرئاسيات ”إذا قدم الجيش مرشحا له”. فالرجل الذي كان يصف دائما نفسه بأنه ابن النظام، مقتنع بأن للجيش كلمة في الانتخابات بهذه الصفة أو تلك، مضيفا أن المؤسسة العسكرية تتحمّل دورها في الوقت الراهن. وسألناه إن كان سيُرَشح إذا كان لحزب جبهة التحرير الوطني مرشح، فقال: بالحرف الواحد: ”هذا لم يعد شرطا”. وأكد حمروش أن مهمة الجميع تكمن في الحفاظ على ما تبقى من مصداقية المؤسسات، كما بعث برسالة مفادها أن أجيالا جديدة وصلت لكي تتقلد المسؤوليات في المؤسسة العسكرية وفي أجهزة المخابرات. وفي معرض حديثه عن الرئاسيات دائما، قال رئيس الحكومة الأسبق إنه لا ينبغي أن نركز على الرئاسيات فقط، بل على الورشات التي يجب فتحها ابتداء من 18 أفريل، وهي ورشات لن تتحقق إلا باحترام مجموعة من القواعد، من بينها ضرورة نبذ السلطة المطلقة وممارسة السلطة في ظل القانون والرقابة لضمان حقوق ومصالح كل المجموعات وكل جهات الوطن. الجزائر: شريف رزقي
لتفادي انتخابات على الطريقة الإفريقية حمروش في ثوب المرشح الضامن لمصالح الجميع بعد الرئاسيات ”إذا هدأت الأوضاع سيترشح مولود حمروش، وإذا لم تهدأ لن يترشح”، هكذا يرى أحد المقربين من رئيس حكومة الإصلاحات في عهد الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، البيان الذي نشره الرجل أمس، في خرجة هي الأولى له منذ دخول الساحة السياسية الجزائرية في معركة الرئاسيات وما خلفته من إقالات وحرب كلامية. حمروش يرفض الوقوف في وجه الجيش ويرفض الترشح ضد مرشح السلطة ويرفض ”وقوع ضحايا إضافيين” بمناسبة الرئاسيات القادمة، كما جاء في رسالته. وتظهر هذه العبارة على أنها جوهر الخلاف القائم لدى أصحاب القرار بعدما عجزوا كالعادة عن إيجاد توافق حول الرئيس الذي سيقود البلاد في المرحلة القادمة. ولأن لعبة التداول على السلطة بين مختلف جماعات المصالح كانت دائما تنتهي بإقصاء جماعة واستيلاء جماعة أخرى على كل شيء، فإن مولود حمروش يقترح أن يضمن الرئيس القادم مصالح كل طرف. ما يعني أن حمروش بصدد اقتراح خارطة طريق مستقبلية ليست بعيدة عن مطلب المرحلة الانتقالية الذي تطرحه جل الأحزاب السياسية باستثناء أنصار العهدة الرابعة الذين يرفعون شعار الاستمرارية والاستقرار. وليست المرة الأولى التي يعبّر فيها مولود حمروش عن موقفه حيال ما يجري من حراك حول الرئاسيات، محتفظا بموقفه من الترشح وعدم الترشح إلى آخر لحظة. ففي سنة 2004 مثلا كان مولود حمروش ”مرشّحا” للترشح إلى غاية الندوة الصحفية التي قال فيها إن اللعبة مغلقة وانسحب من السباق. وكذلك الشأن سنة 1999، حين انسحب من السباق رفقة خمسة مترشحين آخرين قبل موعد الاقتراع بساعات... حمروش إذن من الشخصيات السياسية التي يرشحها كل المتتبعين للشأن السياسي الجزائري في كل موعد رئاسي قبل أن يعلن هو عن موقفه. وبالتالي عدم خوضه في موضوع الترشح في بيانه الأخير يبقيه ”مرشّحا” للترشح أكثر من المراحل السابقة التي كان العديد من المحسوبين عليه يردون على تساؤلات الصحفيين والمحللين بدلا منه، ما دفع بالرجل إلى تكليف مدير يومية ”لاتريبين” برسالة مفادها أن حمروش لم يفوض أحدا للتحدث باسمه، وهو تكذيب ضمني لمن كانوا يرددون على لسانه أنه غير راغب في الترشح. بقي هناك عائق في وجه ترشح حمروش يتمثل في استمرار حملة العهدة الرابعة، وهو ربما ما يقصد به محدثنا ب”تهدئة الأوضاع”. ويكون بيان حمروش بمثابة رسالة إلى أنصار العهدة الرابعة لكي يطمئنوا على مصيرهم ويوقفوا حملة العهدة الرابعة التي لم يوقفها إعلان علي بن فليس دخول السباق الرئاسي، بل ضاعف من وتيرتها. واستمرار الصراع بين أنصار بن فليس وأنصار العهدة الرابعة، لا ينذر بتكرار سيناريو سنة 2004 فقط، بل ينذر بتأزم الأوضاع أكثر من 2004 ويجعل ذلك من تأجيل الانتخابات حلا يجننا الذهاب إلى انتخابات على الطريقة الإفريقية، أي برئيسين فائزين وخاسرين في نفس الوقت، وننتظر الأممالمتحدة والهيئات الدولية لتعيّن لنا الرئيس الشرعي. الطريق الثالث إذن هو المنقذ ربما، إلا إذا كان أصحاب القرار قد طبخوا طبخة أخرى سنكتشفها بعد الإعلان عن نتائج الصناديق. الجزائر: م. إيوانوغان
بعد أن سكت طويلا رافضا اتخاذ موقف من قضايا مصيرية حمروش يشير إلى غياب التسوية بين أجنحة النظام حول مرشح الرئاسيات تصريح حمروش الذي تنشره ”الخبر” كاملا على موقعها الإلكتروني، ينتقد فيه وجود ”سلطات سيادية بدون سلطات مضادة”
انتقد مولود حمروش، رئيس الحكومة سابقا، سنوات حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ضمنيا، بعد صمت طويل رفض خلاله إبداء أي موقف ولا أي رأي في أحداث مصيرية واجهتها البلاد. ففي تصريح مكتوب أصدره أمس، تحدث حمروش عن ”سلطات سيادية بدون سلطات مضادة”، وعن ”شروط تمكن الجيش من القيام بدوره بكل يسر”. ولكن أهم ما غاب في التصريح هو موقفه من الجدل حول ما يسمى ”العهدة الرابعة”. قال مولود حمروش في وثيقته، إن البلاد ”تنتظرها محطات دقيقة تحدد مآلها الآني وتحسم صيرورتها المستقبلية، بدءا بالرئاسيات، سواء ترشح لها الرئيس أم لم يترشح، ووصولا إلى تقلّد أجيال جديدة لمناصب المسؤولية”. ويرى حمروش أن شروطا ينبغي أن تتوفر ”حتى تستقبل البلاد هذه المحطات في كنف الانسجام والطمأنينة والانضباط القانوني والهدوء الاجتماعي”. وهذه الشروط هي ”الحفاظ على مصالح مختلف المجموعات والمناطق والأقليات وصيانتها”. ويرجح بأن صاحب التصريح يقصد أحداث غرداية بحديثه عن ”أقليات”. وأكد رئيس الحكومة مطلع التسعينات، على ضرورة ”أن تتولى الدولة حماية كل الحقوق وأن تضمن ممارسة كل الحريات، وهذه إجراءات من شأنها توفير قدرة أحسن على حفظ الأمن وتعزيز المنجزات، وعلى تصحيح الاختلالات ومجابهة النقائص”. وطرح حمروش سؤالين مغلفين بالانتقادات موجهة للسلطة ورأسها، إذ قال: ”هل من الضروري اليوم التذكير بوعد بناء دولة عصرية لا تزول بزوال الرجال والحكومات ولا تتأثر بالأزمات؟ ويحيل هذا السؤال إلى نظام الرئيس هواري بومدين الذي كان فيه عبد العزيز بوتفليقة إحدى الركائز الأساسية. والسؤال الثاني هو: ”هل لابد من التذكير كذلك، بالتعهد بمواصلة المسار الديمقراطي والتذكير بالتصريحات التي تؤكد استئناف الإصلاح؟ وفي هذا الجزء من التصريح انتقاد ضمني للرئيس بوتفليقة، الذي لم تكن سياسته ديمقراطية ولم ينفذ تعهداته بمواصلة الإصلاحات، بحسب مفهوم حمروش، الذي وُصف قبل 24 سنة ب”رئيس حكومة الإصلاحات”. ويقول حمروش في وثيقة (تجدونها منشورة في الموقع الإلكتروني ل”الخبر”) إن ”مكونات مجتمعنا لا يمكنها أن تتناغم اليوم مع ممارسات سلطات سيادية بدون سلطات مضادة، كما لا يمكنها أن تتلاءم وممارسات سلطات عمومية أو مهام غير عادية بدون تفويض قانوني وبدون رقابة.. إن هذا التناغم والتلاؤم من صميم مصلحة الجزائر وأمنها، ومن مصلحة كل الجزائريين وأمنهم ومن مصلحة كل مناطق البلاد وأمنها”. ويمكن فهم هذا الجزء من التصريح، بأن غياب سلطات مضادة بمفهوم منع النظام من التغوّل أخلّ بالتوازن داخل المجتمع. وأكثر ما يخرج به من يطلّع على تصريح حمروش، أنه يطلق مجموعة من الأفكار ويفضّل أن يشرحها بدلا عنه قارئها! فهل يتحاشى من اشتهر بوصف نفسه ب”ابن السيستام”، الخوض بشكل مباشر وصريح في القضايا الجارية، خاصة موضوع العهدة الرابعة، والحرب الجارية بين المعسكرين المسيطرين على البلاد؟ وما الذي يمنعه من اتخاذ موقف من هذه القضايا؟ هل يطرح حمروش نفسه بديلا لبوتفليقة، على المؤسسة العسكرية التي قال في وقت سابق إنها فاعلة في اختيار رئيس البلاد؟ وتناول مرشح رئاسيات 1999، المنسحب عشية التصويت رفقة خمسة مرشحين سابقين، الجيش وموقعه في السياسة، ولكن دون الغوص في الموضوع، رغم أنه مطروح بحدة حاليا. إذ قال: ”من الحكمة اليوم التذكير بأن استعادة هويتنا الجزائرية ومشروعنا الوطني، قد وجدا في ثنايا جيش التحرير الوطني ثم في الجيش الوطني الشعبي، فرصة التبلور والتموطن والاحتماء”. وفيما يخص ما أشار إليه من ”تناغم وتلاؤم” كشروط، قال إنها ”تمكن جيشنا من القيام بمهامه بكل يسر ونجاعة، وتمكن مؤسساتنا الدستورية من الاضطلاع بمهامها ودورها في الوضوح”. ويفيد تصريح حمروش بأن العصب داخل النظام عجزت عن إيجاد توافق، بمفهوم التسوية بخصوص الشخص الذي سيقود البلاد بعد 17 أفريل 2014. فقد تحدث عن ”فضل رجال (في الماضي) استطاعوا تحقيق الإجماع وصياغة حلول توافقية. وفي كل مرحلة وفي كل أزمة تمكن هؤلاء من حماية وحدة الصف والانضباط، بتجاوزهم كل تقسيم ثقافي أو عشائري أو جهوي وقاية للهوية والمشروع الوطني”.
بيان السيد مولود حمروش تنتظر البلاد محطات دقيقة تحدد مآلها الآني وتحسم صيرورتها المستقبلية، بدءا بالرئاسيات، سواء ترشح لها الرئيس أم لم يترشح، ووصولا إلى تقلد أجيال جديدة لمناصب المسؤولية. وحتى تستقبل البلاد هده المحطات في كنف الانسجام والطمأنينة والانضباط القانوني والهدوء الاجتماعي، من الضروري الحفاظ على مصالح مختلف المجموعات والمناطق والأقليات وصيانتها. كما ينبغي أن تتولى الدولة حماية كل الحقوق وأن تضمن ممارسة كل الحريات. وهذه إجراءات من شأنها توفير قدرة أحسن على حفظ الأمن وعلى تعزيز المنجزات وعلى تصحيح الاختلالات وعلى مجابهة النقائص. من الحكمة اليوم التذكير بأن استعادة هويتنا الجزائرية ومشروعنا الوطني قد وجدا في ثنايا جيش التحرير الوطني ثم في الجيش الوطني الشعبي، فرصة التبلور والتموطن والاحتماء. وما كان أن يتحقق ذلك لولا فضل رجال استطاعوا تحقيق الاجماع وصياغة حلول توافقية. ففي كل مرحلة وفي كل أزمة تمكن هؤلاء من حماية وحدة الصف والانضباط بتجاوزهم كل تقسيم ثقافي أو عشائري أو جهوي وقاية للهوية والمشروع الوطني. هل من الضروري اليوم التذكير بوعد بناء دولة عصرية لا تزول بزوال الرجال والحكومات ولا تتأثر بالأزمات؟ وهل لابد من التذكير كذلك بالتعهد بمواصلة المسار الديمقراطي والتذكير بالتصريحات التي تؤكد استئناف الإصلاح. إن مكونات مجتمعنا لا يمكنها أن تتناغم اليوم مع ممارسة سلطات سيادية بدون سلطات مضادة. كما لا يمكنها أن تتلاءم وممارسة سلطات عمومية أو مهام غير عادية بدون تفويض قانوني وبدون رقابة. إن هذا التناغم وهذا التلاؤم من صميم مصلحة الجزائر وأمنها ومن مصلحة كل الجزائريين وأمنهم ومن مصلحة كل مناطق البلاد وأمنها. هذه شروط تمكن جيشنا الوطني الشعبي من القيام بمهامه بكل يسر ونجاعة وتمكن مؤسساتنا الدستورية من الاضطلاع بمهامها ودورها في الوضوح. وهي شروط تمكن شعبنا من مواصلة السير على طريق الإنصاف والرقي والتضامن بين كل مكوناته ألاجتماعية وتمكنه من إدراك كل المتطلبات ورفع كل التحديات الراهنة. وهي شروط تجعل دولتنا محل ثقة ومصداقية وجدية لدى شركائها وجيرانها. لكل أزمة ضحاياها وفرصها. فلنستغل فرصها ولنتفادى ضحاياها.