يراهن طاقم قناة “جرجرة” الموجّهة للأطفال، على اكتساح الفضاء الإعلامي الجزائري، باعتبارها أول قناة موجهة لهذه الفئة العمرية في الجزائر، وغايته في ذلك حسب مديرها التنفيذي عمر زريان تقديم “قناة جزائرية للأطفال تحترم خصوصية المجتمع الجزائري”، كما يتطرق في حوار مع “الخبر” إلى بداياتها وبرنامجها وأهدافها ومشاريعها المستقبلية الواعدة. قد يتبادر إلى ذهن أي شخص يلتقي بكم سؤال.. من أين جاءت رغبتكم في إنشاء قناة خاصة بالأطفال رغم صعوبتها كمشروع إعلامي أو استثماري؟ هناك أسباب عديدة دفعت بنا إلى هذا الاختيار، أهمها أنني كبرت في عالم الكشافة الإسلامية وتدرجت في كل الأطوار، حيث عشت في تنظيم منضبط، عرفت فيه قيمة الأخلاق وضرورة أن نبدأ من الطفل لبناء مجتمع صحيح وصالح. وبعد أن نما وعيي أدركت أن المشكلة الكبيرة التي يمكن أن يعاني منها أي مجتمع هي التربية وخاصة المجتمع الجزائري، مع ما يعرفه العالم من تطورات في المجال الإعلامي والتربوي والتواصل الاجتماعي. كما لاحظنا التركيز الإعلامي الشديد على عالم الطفل من القنوات التي لا تمت بصلة إلى ثقافتنا وعاداتنا وتاريخنا وتقاليدنا ومعتقدنا. فمثلا نجد على القمر الصناعي “نايل سات”، حوالي أربع قنوات شيعية وأخرى تروج للأفكار المسيحية، كما هناك سبع قنوات تنشر أفكارا خطيرة ودخيلة على المجتمع وتمس بالأخلاق، وأيضا بعض القنوات التي تروج لقوميات وهويات معينة مثلا الخليجية. هل السبب هو غيرتكم على الطفل الجزائري فقط؟ لا .. لا أخفي الأمر، فهو أيضا اختيار استراتيجي وتجاري تسويقي، فحسب الإحصائيات تسجل الجزائر أكثر من 8 مليون طفل متمدرس و16 مليون أقل من 18 سنة. إذن فالشريحة العمرية التي تركز عليها القناة كبيرة جدا وإذا نجحنا في التعامل معها وفق مبادئنا وأخلاقنا كمجتمع جزائري سنربح الدنيا والآخرة .. كما أن الدول المتقدمة أصبحت تعطي أهمية للأطفال على اعتبار أن الإحصائيات الخاصة بشركات الإعلان والترويج والتسويق، تؤكد أن الطفل هو مشتري اليوم، فأغلب الآباء يشترون وفق رغبات أبنائهم، حتى في الأمور الخاصة بالكبار، من الأكل إلى اللباس إلى السيارات وغيرها. إذن فالطفل هو مشتري اليوم ب 50 في المائة، وبعد 5 سنوات أو 10 سيصبح هذا الطفل هو المشتري الآخر الذي سيكمل ال50 في المائة الباقية، لأنه يصبح يافعا ويشتري هو.. لذلك تركز الشركات العالمية على الطفل باعتباره مشتري اليوم طفلا ومشتري الغد شابا، ولكل هذه الأسباب قرّرنا إنشاء أول قناة موجهة لأطفال في الجزائر والمغرب العربي. مشروع كهذا يتطلب الكثير من المال والاحترافية هل أنتم مستعدون لمثل هذه المغامرة الجديدة؟ صحيح أن قناة للأطفال تتطلب أموالا أكثر من القنوات العادية، فمثلا الرسوم المتحركة “توم وجيري” تكلف 3 آلاف دولار للحلقة الواحدة، والرسوم المتحركة جديدة مثل “كونان”، العرض الأول 8 آلاف دولار أي 80 مليون سنتيم للحلقة الواحدة، لكن عندي ثقة كبيرة في اختياري وفي المستقبل. الحمد لله كسبت الرهان من الأشهر الأولى، خاصة مع الشركات الاقتصادية التي سبق وأن تعاملت معها في قناة الإعلانات “دزاير شوب” أين أقمت علاقات جيدة مع أصحاب هذه الشركات الذين احتضنوا الفكرة. أكيد أن الرهان على الوصول الى قناة جزائرية شكلا ومضمونا يتطلب وضع خطة لتحقيقها، ما هي استراتيجيتكم لذلك خاصة أن البرامج أغلبها مستوردة؟ باختصار سنسير وفق ثلاث خطط للوصول إلى أهدافنا، أولها الاختيار الدقيق للرسوم المتحركة المبرمجة، حيث نشاهدها كلها بعناية شديدة وعدة مرات ونتأكد أنها لا تمس بقيم المجتمع ومبادئ الدولة الجزائرية والمعتقد ولا تنشر أفكارا هدامة سنراقب كل ما نجلبه من الخارج. ثانيا وضع فريق متخصص لإنجاز رسوم متحركة جزائرية خالصة تعليمية وتثقيفية، مثل سلسلة “ماذا تعرف عن الحشرات”، وأخرى بعنوان “التربية المدنية”، كما أنجزنا فيديو كليب عن الأم. وأخيرا وهذا هو الأهم فنحن نحرص على أن تكون هناك برامج خاصة من إنتاج القناة باللهجة الجزائرية الخالصة وأفكار محلية، كبرنامج “كريمو لوماجيك” حصة ألعاب بحضور الأطفال، تقدّم مرتين في الأسبوع وبرنامجا آخر بعنوان “دراري في داري”، سيكون مفاجأة للجمهور، ينشطه الفكاهي حميد عاشوري، والهدف منه هو إبراز شخصية الطفل الجزائري الذكي والمرح والفطن، كما هي تعليمية من خلال النقاش الذي سيدور بين حميد عاشوري والطفل الذي يستضيفه. كما حضرنا حصة العاب تتبارى فيها عائلتان كل واحدة تضم “الأب والأم وطفلين”، وهي سؤال جواب وتنافس في الثقافة العامة.. في المجموع نحضر لإنتاج 50 برنامجا. وكل هذه البرامج تخضع للمراقبة والاستشارة الدائمة للمختصين في المسائل البيداغوجية والنفسية والتربوية وغيرها. كيف يمكنكم منافسة قنوات كبيرة مخصصة للأطفال اعتادوا على مشاهدتها؟ كان علينا أن نتصرّف بذكاء خاصة أن هذه القنوات تمس الفئة من 8 إلى 14 سنة أي لديها وعي وإدراك، ولذلك اعتمدنا على المدرسة الايطالية في جلب الرسوم المتحركة من خلال قناة “موندو تي في” رسومها متميزة مثل “فيكس وفوكسي” بعيدا عن الحركة والخيال وأيضا عن العنف، نقدم من خلالها قصصا إنسانية للتربية والتعليم. عكس قنوات الأطفال العربية التي من بينها من اعتمدت على المدرسة اليابانية التي تركز على الحركة والخيال ك”سبايس تون”، وأخرى تبنت المدرسة الأمريكية والأوروبية كقناة “ام بي سي 3” وجزيرة أطفال وغيرها التي تعتمد على القوة وأفلام الرسوم المتحركة ذات الأبعاد الثلاث. تستهدف قناة “جرجرة” العائلة ككل، من خلال الطفل، لذلك شعارنا “قناة جرجرة تجمع العائلة”، ليس مثل القنوات الأخرى، إذا لم يكن هناك طفل في المنزل لن يشاهدها أحد.. نحن نستهدف الجميع وبمختلف الأعمار. فمثلا برامج الصباح هي للأطفال الذين لم يدخلوا المدارس وللأمهات أيضا، فهي تستهدف الطفل والأم معا، مثلا برنامج “ربيني صح”. ومن الساعة الرابعة بعد الظهر إلى السابعة نقدم برنامجا دسما للأطفال فيه رسوم متحركة وحصص وبرامح تنشيطية، ومن السابعة إلى الحادية عشر نقدم برامج للعائلة مثل برنامج حميد عاشوري “دراري في داري” وحصة الألعاب بين عائلتين.. سننطلق في حملتنا الاشهارية للقناة أفريل القادم وتدوم ثلاثة أشهر، وسنحاول في مرحلتها الأخيرة أن نراهن على المرتبة الأولى ضمن القنوات الأكثر مشاهدة في رمضان. كيف ستقنع الناس بمشاهدة “جرجرة” وهناك قنوات أدمنها الأطفال كطيور الجنة؟ بعكس ما يظن البعض، فطيور الجنة لم تنجح لأن الأطفال يحبونها بل لأن الآباء اختاروها لأبنائهم لأنها تعجبهم لأنها نجحت في كسب ثقة الأولياء. فالطفل منذ أن يكون في عمره 6 أشهر وهو يشاهدها ويغني معها ويسمعها أكيد سيختارها عندما يكبر وتصبح القناة من عالمه الخاص.. رهاننا إذن أن نكسب ثقة الأولياء. الخلاصة أن قناة جرجرة قناة جزائرية محضة آمنة لأبنائنا، تقدم ثقافتنا وأفكارنا وتربيتنا كجزائريين وتحترم تقاليدنا وعاداتنا ولا تصنع طفلا متطرفا ولا متغربا، فقط جزائريا. أكيد إن الوصول إلى برنامج يحترم خصوصية الطفل الجزائري يتطلب جلب ما يتناسب معه كيف ستواجهون هذا مستقبلا؟ أحمد الله أننا نملك أكبر استوديو خاص في الجزائر، أي ننتج حصصنا هنا، ونعمل بجدية على مشروع مركز للدبلجة هو رهاننا القادم، وسنوقع عقودا لجلب رسوما متحركة مع شركات صينية لإنتاج الرسوم المتحركة، وهي تنافس الرسوم اليابانية التي تسيطر عليها القنوات العربية الأخرى التي ذكرتها سابقا.. سنقدمها بعربية جزائرية قريبة من اللهجة المحلية، سنعرضها في الجزائر والدول المجاورة. سنحاول أن نكون أول مركز في المغرب العربي مختص في الدبلجة وسينافس نظيره في المشرق “مركز الزهرة”، وسنستثمر في هذا من خلال القنوات الصوتية، حيث يمكن للمشاهد أن يسمع الرسوم باللهجة العربية الجزائرية وحتى بالأمازيغية .. إنه مشروع المستقبل سيكون جاهزا للعمل بعد 6 أشهر. ونطمح في المستقبل أن تنقسم القناة الى ثلاث: قناة تعليمية، قناة جرجرة كليبات، قناة جرجرة للفتيان والمراهقين.