ضيفات منتدى ”الخبر” تجمعن على أن المجتمع يعيش حالة قمع ممنهج النظام الحالي يستغل المرأة ولا يحميها ترى ناشطات في حقوق المرأة وأستاذات وإعلاميات أن وضعية المرأة جزء لا يتجزأ من الوضعية العامة لمجتمع يعيش في حالة قمع ممنهج ومنظم للحريات، اشتدت حدته في السنوات الأخيرة وبكل الطرق. تذهب البروفيسور فاطمة أوصديق، المختصة في علم الاجتماع، بعيدا حين تقول ”لا يمكن للمرأة أن تناضل في إطار جمعوي منظم، في مناخ لا يسمح بتواجد البنى النضالية الحقيقية التي حاربها النظام بكل الوسائل”، وتضيف: ”بالمقابل خلق النظام لنفسه بُنى وأطرا قانونية واجتماعية، من أجل إعادة إنتاج خطابه، لذلك نجد حاليا مؤسسات النظام وجمعيات النظام ومثقفي النظام ونقابيي النظام ونساء النظام وإعلاميي النظام أيضا”. وتؤكد فاطمة أوصديق أن النظام الحالي لا يتوقف عند إنتاج الأطر، بل يقوم بتكسير كل من يناقضه ولا تهمه الكفاءات القادرة على خدمة المجتمع، بقدر ما يهمه الولاء له والانصياع لرغباته بالدفاع عن خطاب النظام الواحد. وتؤيد المؤلفة المسرحية جليلة قاضي حنيفي هذا الطرح، حيث ترى أن ”الجمعيات التي تحمل خطابا بعيدا عن أهداف النظام وسياسته تعاني من المحاصرة والتضييق والإقصاء، بل والحظر أيضا (مثل القانون الأخير الذي حظر عددا كبيرا منها)، حيث يتجه شيئا فشيئا نحو قمع الفكر وتقييد الحريات. ولا يمكن في مجتمع غير حر أن نطالب بحقوق، فالحق الأول هو الحرية، حرية أن تفكر وتقترح وترفض وتختار أيضا”. وتعلق البروفيسور خولة طالب الإبراهيمي، أستاذة اللغويات، ”هذا النظام يخاف من المجتمع لذلك يقيد حريته”. ومن هذا المنطق ترى خولة طالب الإبراهيمي أن المرأة لا يمكن أن تؤدي دورها الفعال في مجتمع لا يقوم على أسس المواطنة الحقّة التي تضمن الحقوق وتحدد الواجبات للمرأة والرجل، وتضرب المثال بسيطرة الدولة على قانون الإعلام والكتاب. وتؤكد الأستاذة خولة أن مستقبل الجزائر هو في نضال المرأة والرجل معا من أجل مجتمع المواطنة وأن يبدأ النضال من العمق بعيدا عن الجدال السطحي. من جانها تطرح رئيسة ”شبكة وسيلة”، الدكتورة فضيلة شيتور بومنجل، مسألة حماية المرأة، وتقول ”إننا كدولة جزائرية تأخرنا كثيرا في وضع القوانين التي تحمي المرأة داخل الأسرة وفي المجتمع كالقوانين الخاصة بالتحرش الجنسي والاعتداء الجسدي والعنف في الأماكن العامة سواء اللفظي أو الجسدي، وعدم توفير الأمن في الجامعات والأحياء الجامعية وقانون حماية صحة المرأة من الإنجاب المتكرر وقوانين حماية المرأة من التمييز داخل المؤسسات الاقتصادية والقوانين التي تسمح للمرأة بممارسة عملها خارج البيت مع المحافظة على أسرتها”. وتطرح المتحدثة قضية إنشاء الحضانات في المؤسسات الاقتصادية مثلا. وتتبنى زميلتها المناضلة في نفس الجمعية، دليلة إيعمارن جربال، الطرح، حيث تؤكد أنه ”رغم العدد الهائل من المتخرجات من الجامعة، إلا أن المرأة لا تجد وظيفة وإن وجدت لا تتماشى مع ظروفها وطبيعتها. للأسف، إن النظام الحالي لا يحمي المرأة بقدر ما يستغلها”. ”كوطة” المرأة في البرلمان صفقة للاستهلاك الخارجي فقط لا يمكن أن يخرج الحديث عن المرأة ودورها في الحياة العمومية عن مسألة تواجد المرأة في الحياة السياسية، باعتبار أن الممارسة السياسية من الحقوق الأساسية التي خرجت من أجلها المرأة يوم 8 مارس، ومن هذا المنطلق أثارت السيدة حدة حزام قضية فرض خيار ”الكوطة” في الانتخابات التشريعية والتي تراها إحدى الوسائل التي يستعملها النظام لتكريس احتكاره للسلطة وهيمنته على مراكز القرار، بالإضافة إلى تبييض صورته الخارجية من أجل الاستهلاك الدولي وتصدير صورة عن النظام الديمقراطي والمتحرر. وترى حدة حزام أن نواب البرلمان عن طريق ”الكوطة” لا يمثلن المرأة الجزائرية ولا المجتمع الجزائري ولا الحركة الجمعوية والمناضلات في الحركات النسوية، فأغلبهن وجدن لسبب أو لآخر، وتتساءل: ”كيف نقبل أن تدخل البرلمان من تحمل شهادة ”مصففة شعر” مع احترام المهنة، لكن لكل دوره في المجتمع”، مضيفة أنه على من تتقدم لتلك المسؤولية أن تكون في مستوى ذلك الموقع. وتستغرب كيف أن الجزائر التي تتخرج من جامعاتها الآلاف نجد في برلمانها نواب لا يعرفن حتى لما هن في البرلمان، ولا يفهمن القوانين، ولا يملكن مسارا نضاليا. وتسأل: ”كيف بنائب لا تفهم القوانين يمكن أن تفيد المجتمع وتحدث التغيير، أو تطرح قضايا ومشاكل المجتمع والمرأة بالخصوص؟”. كما ترى فاطمة أوصديق أن فرض ”الكوطة” سمح للنظام بإنتاج خطاب نسوي يدافع عنه لم يكن عن طريق الكفاءة والنضال السياسي والجمعوي الطويل. وطرحت أوصديق في هذا المجال غياب المرأة في مواقع صنع القرار في الجزائر. الرجل يحاول منعها من اعتلاء مناصب قيادية المسؤولية العائلية أبعدت المرأة عن النقابات أجمعت ضيفات منتدى ”الخبر” على أن تمثيل المرأة في الحركات النقابية ضعيف جدا إذا ما قورن بتمثيل الرجل، ويرجع لذلك لعدة أسباب، على رأسها الجانب العائلي ومسؤولياتها تجاه أسرتها، ناهيك عن محاولة الرجل الدائمة إبعادها عن معترك النضال واستحواذه على الرئاسة والقيادة عبر كل المجالات والقطاعات. فحسب السيدة فاطمة أوصديق، بروفيسور في علم الاجتماع، فإن تحمل هموم المواطن والدفاع عنها وكذا الإصرار على المطالبة بحقوق العمال، لا يأتي بين عشية وضحاها وإنما هو ثقافة تترسخ منذ النشأة الأولى. وتلعب العائلة، تضيف، دورا كبيرا، ”فأنا مثلا اكتسبت النشاط النضالي من العائلة، حيث وجدت عائلتي تنتهج هذا العمل”. كما أشارت المتحدثة إلى عوامل أخرى تحول دون اقتحام المرأة لهذا المجال، وهو رفض المسؤولين تنصيب المرأة في مراكز مهمة ومن ثمة عدم السماح لها بالانخراط في مجموعات نقابية للدفاع عن نفسها وعن غيرها من العاملات والعمال. أما السيدة خولة طالب الإبراهيمي، أستاذة في اللسانيات، فذكرت أنه بحكم أنها أستاذة جامعية، فقد وجدت فعلا أن المرأة لا تتواجد في نقابات أساتذة التعليم العالي، والسبب، حسبها، أولا هو نظرة الرجل للمرأة ومحاولته أخذ الريادة وعدم السماح لها بمنافسته في العمل النضالي، ظنا منه أنه القائد والمنتصر دائما، دون أن يعرف أنه هو أيضا ضحية مثلها في هذا المجتمع. في المقابل، حمّلت السيدة حزام المرأة مسؤولية ابتعادها عن هذا المجال واستدلت بجريدة ”الفجر” التي تديرها، حيث ذكرت أنه منذ تأسيسها قبل 14 سنة، وهي تحاول إسناد مناصب مهمة في الجريدة للنساء على رأسها منصب رئيس تحرير، إلا أن هذه الأخيرة ترفض، لأنها تعطي الأولوية لعائلتها وترى أن تحمل أي مسؤولية يعيقها عن دورها تجاه زوجها أو أولادها، فما بالك بالعمل النقابي الذي يحتاج، حسبها، لوقت أكبر. هي الأفكار نفسها تبنتها رئيسة ”شبكة وسيلة”، فضيلة شيتور بومنجل، وهاجر بالي، مؤلفة مسرحية، حيث تحدثتا عن تغييب العمل النقابي عند المرأة وربطتا ذلك بالظروف المحيطة بالمرأة والقوانين الجائرة، والأوضاع الاجتماعية التي تعاني منها، رغم محاولاتها الدائمة كسر جدار الصمت. الجزائر: رشيدة دبوب تجربة رائدة في الدفاع عن الحقوق الجزائريات مطالبات باقتفاء أثر التونسيات لم تغب التجربة التونسية عن حلقة النقاش في فوروم ”الخبر”، حيث أثنت المتدخلات على تجربة المرأة التونسية المناضلة وقدمتها على أنها نموذج يستحق التشجيع والتنويه، ليس فقط من أجل ما حققته المرأة التونسية من مكاسب سياسية واجتماعية ومهنية، لكن أيضا في استماتتها في الدفاع عن حقوقها وتمسكها بما حققته، رغم كل الضغوط، وفرضت صوتها. وذكّرت كل من فضيلة شيتور وفاطمة أوصديق بأسماء مناضلات تونسيات رائدات كأرملة شكري بلعيد المحامية بسمة الخلفاوي. وقالت أوصديق إن التجربة التونسية نجحت لأن الطبقة الوسطى في المجتمع التونسي بقيت واقفة ومحافظة على قيم الحرية والمساواة والجمهورية، وهي التي حققت التوازن في المجتمع التونسي وحافظت أيضا على حق المرأة في المساواة. من جانبها، أرجعت مديرة يومية ”الفجر”، حدة حزام، غياب المرأة عن العمل السياسي إلى عملية التمييع التي تشهدها الساحة السياسية والتضييق على الأصوات الرافضة للنظام مهما كانت كفاءتها ونضالها، كما تطالب حدة الحزام بأن ترفع المرأة الجزائرية من سقف طموحاتها وتدافع عن وجودها وأن ترتقي إلى أعلى مناصب المسؤوليات مهما كانت العقبات. وتؤكد حدة أن ضمان حقوق المرأة لا يخرج عن نطاق الوصول إلى دولة القانون التي تضمن الحق في المواطنة والحفاظ على الطابع الجمهوري. وتضيف أنها تؤمن بالنضال المتواصل للوصول إلى إحداث التغيير، لذلك هي تخرج للتظاهر إلى جانب حركة ”بركات”. وتؤيد الطرح فاطمة أوصديق التي ترى أن المجتمع الجزائري يعيش مرحلة حساسة جدا لأن النظام الحالي زرع فيروساته في مفاصل المجتمع للتحكم فيه، تارة عن طريق التهميش والتخويف ومرة أخرى عن طريق الإغراء وشراء الذمم، مضيفة أن أغلب اللواتي قدن الحركات النسوية عرفن انحرافا في مسارهن النضالي، بل أصبحن من أكبر المدافعات عن خطاب النظام الحالي. ضيفات ”الخبر” تنتقدن صورتها في الإعلام المرأة ليست فقط كائنا جميلا دعت المشاركات في منتدى ”الخبر” إلى إعادة النظر في الصورة النمطية للمرأة في الإعلام وكذا طريقة تناول المواضيع التي تتطرق إلى العنف الممارس ضدها، والتي تبقى، حسبهم، بعيدة عن الموضوعية والواقع. ترى الدكتورة فضيلة شيتور بومنجل، رئيسة شبكة وسيلة، أن المرأة لا تشعر أن الإعلام متضامن معها، معتبرة أن الكثير من المواضيع التي تتناول العنف الممارس ضدها بعيدة عن الحقيقة ولا تنقل الواقع وغالبا ما تضعها في ثوب المتهم. وحول هذه النقطة، أشارت شيتور إلى القضايا التي تكون فيها المرأة عرضة للتعنيف، ويبرر الطرف المعتدي الأمر بالطعن في شرفها، وهذا بعيدا عن الحقيقة في الغالب، حسبها، مردفة ”مؤسف أن تنقل وسائل الإعلام هذا وتنساق وراء أحكام مغلوطة”. ووافقتها في الطرح البروفيسور خولة طالب الإبراهيمي، التي اعتبرت أن الرؤية التي يقدمها الإعلام عن المرأة متخمة بالأحكام المسبقة، مردفة: ”على الإعلامي أن يتوخى الموضوعية في الطرح، يسرد الوقائع بصدق، وينقل تصريحات الجانبين ويبتعد عن التأويلات وإعطاء الأحكام”. وذكرت المتحدثة في السياق قضية أستاذة جامعية قتلت، ولمّحت حينها بعض وسائل الإعلام إلى أنها كانت قضية اغتصاب، رغم أن هذا بعيد عن الواقع، مواصلة: ”وكأن المرأة جنس وجسد فقط يتحركان، كل قضية نجد فيها امرأة لا بد أن تكون وراءها قضية أخلاقية”. وبالنسبة لمنشطات الندوة، فالمرأة بحاجة إلى أن ننقل حياتها الحقيقية دون تزييف، وهذا لا يتأتى دون تغيير صورتها ككل في الإعلام. ”هي ليست فقط كائنا جميلا لا تهمه إلا الموضة والتجميل، والثامن مارس ليس حفلة لتوزيع الورود، إنه نقطة بداية أخرى للنضال ومراجعة حقوقها ومطالبها”، تقول الدكتورة شيتور. الجزائر: سلمى حراز قلن فاطمة أوصديق علينا تغيير النظام والحركات الاحتجاجية التي يعرفها الشارع تبشر بالخير وعلينا أن لا نتوقف. لقد كسرنا حاجز الخوف. حدة حزام سأستمر في نضالي ورفضي لهذا النظام والعهدة الرابعة حتى لو أغلقوا جريدتي، وسأعجن ”الكسرة وأبيع المطلوع” ولن أرضخ لنظام قاد الجزائر نحو الإفلاس. دليلة إيعمارن جربال المرأة الجزائرية تعاني من البطالة أكثر من الرجل ف30 في المائة من الجامعيات المتخرجات لا يجدن عملا، علينا أن نذهب إلى عمق المجتمع الجزائري من أجل إحداث التغيير الحقيقي. خولة طالب الإبراهيمي أتأسف على كون النظام استطاع أن يسكت كل أصوات النضال بكل الطرق، ففي الجامعة بمجرد أن ترفع الدولة الأجور يسكت الجميع، ولسان حالهم ”اخطيك عيشي واخلاص”.. أنا ضد هذا النظام وعلينا أن نناضل امرأة ورجل على السواء لتغييره. جليلة قاضي حنيفي على المرأة الجزائرية أن تأخذ مصيرها بيدها وتناضل بقوة. لدينا مسؤولية كبيرة تجاه المجتمع ونحو ما يحدث فيه حاليا. يجب أن نبقى يقظين لكل محاولة لاستغلالنا أو الانتقاص من حقوقنا ودورنا في المجتمع. فضيلة شيتور بومنجل علينا أن نعمل على تحرير الطاقات وهذا هو الطريق لتغيير النظام.. إنه فقط بالتضامن والتآزر والاتحاد نصل إلى تغيير الوضع.