لقد أمر الله عزّ وجلّ نبيّه الكريم صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يأمُر أمّته بالمعروف كما في قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأمُرْ بِالْعُرْفِ} الأعراف:199، وجعل أمره صلّى الله عليه وسلّم بالمعروف من العلامات الّتي يعرفه بها أهل الكتاب، قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} الأعراف:157، ثمّ أمر المسلمين بما أمر به نبيّهم صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} آل عمران:104. فالمعروف كما عرّفه ابن منظور في لسان العرب: [هو اسم جامع لكلّ ما عُرف من طاعة اللّه والتقرّب إليه، والإحسان إلى النّاس؛ وكلّ ما ندَب إليه الشّرعُ ونهى عنه من المُحَسَّنات والمُقَبَّحات، وهو من الصّفات الغالبة، أَي أَمْر مَعْروف بين النّاس إذا رأَوْه لا يُنكرونه، والمعروف النَّصَفةُ وحُسْن الصُّحْبةِ مع الأَهل وغيرهم من النّاس والمُنكَر ضدّ ذلك جميعه]. وقد ورد ثواب أعمال بعينها من المعروف، كقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ”مَن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومَن فرَّج عن مسلم كُربة فرّج الله عنه كُربة من كُربات يوم القيامة”، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: ”بينما رجل يمشي في طريق إذ وجد غصن شوك فأخّره، فشكر الله له فغفر له”. وباب المعروف بين النّاس واسع، الكلمة الطيّبة، والتّبسّم، وإغاثة الملهوف، وإعانة ذا الحاجة، وقِرى الضّيف، وحمل المنقطع، وغيرها. قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرّجل في أرض الضّلال لك صدقة، وبصرك للرّجل الرّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشّوكة والعظم عن الطّريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة”. ومن ألْطَف ما جاء في نفع المعروف لصاحبه في الدّنيا، قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”صنائع المعروف تَقي مصارع السُّوء”. قد يتعلّل البعض في ترك فعل المعروف بحجج واهية ومن أبرزها استغلال الكثير من المحتالين للتّسول على حساب المحتاجين الحقيقيين، لكن نبيّ الله صلّى الله عليه وسلّم حثّ أمّته على التّنافس الشّريف لفعل المعروف. والمطلوب من المسلم اليوم في مقابل هذا الواقع الّذي يعيشه، أن يتعامل معه بإيجابية وفاعلية؛ بأن يبادر إلى فعل الخير وبذل المعروف، فقد أوصَى سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّته بقوله ”بَادِرُوا بالأعمال الصّالحة؛ فستكون فتن كقطع اللّيل المُظلِم، يصبح الرّجل مؤمنًا ويمسى كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بِعَرض من الدّنيا” رواه مسلم. وقال النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: ”بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلاّ فقرًا منسيًا، أو غنىً مطغيًا، أو مرضًا مفسدًا، أو هرمًا مفنّدًا، أو موتًا مجهزًا، أو الدّجّال فشرٌّ غائب ينتظر، أو السّاعة فالسّاعة أدهى وأمرّ” رواه الترمذي.