تحدى الأفغانيون أمس تهديدات حركة طالبان وتوجهوا إلى مراكز الاقتراع للمشاركة في الجولة الأولى من انتخاب ثاني رئيس للبلاد بعد انتهاء عهدة الرئيس الحالي حامد كرزاي الذي لم يعد مسموحا له بالترشح لعهدة ثالثة وفقا لنص الدستور الأفغاني، فيما يرى المراقبون أن الانتخابات الرئاسية أكبر رهان تعرفه أفغانستان منذ الإطاحة بحكم طالبان عام 2001، في إشارة إلى أن مجريات الانتخابات ستحدد مستقبل الانتقال الديمقراطي في البلاد. وعلى الرغم من التدابير الأمنية المشددة إلا أن بعض التفجيرات هزت عددا من مراكز الاقتراع في مناطق متفرقة من المدن الأفغانية دون أضرار كبيرة، إذ عززت السلطات التدابير الأمنية بإشراك 400 ألف من قوات الأمن في حماية 6000 مركز اقتراع، في محاولة لضمان الأمن وحث الأفغان على المشاركة في العملية الديمقراطية من خلال اختيار رئيسهم القادم من بين المرشحين الثمانية للفوز بكرسي الرئاسة خلفا لحامد كرزاي، فيما أكد المراقبون أن المنافسة الفعلية تقتصر على ثلاثة مرشحين هم: وزير الخارجية السابق زلماي رسول، ووزير المالية الأسبق أشرف غني أحمد زاي، وعبد الله عبد الله الذي شغل منصب وزير الخارجية في الحكومة الأولى لحامد كرزاي. إلى ذلك، أشارت التقارير الواردة من كابول إلى أن الرئيس المنتهية عهدته حامد كرزاي حث مناصريه على التصويت لزلماي رسول، على أساس أنه أكثر المرشحين قدرة على الحفاظ على التوازن القبلي، ويحظى بدعم من كبريات قبائل ”البشتون” التي ينتمي إليها، وإن كان المتابعون للشأن الأفغاني يرون أن دعم قبائل البشتون القوية والواسعة النفوذ قد ينقسم بين زلماي وأشرف غني أحمد زاي المنحدر هو الأخر من أصول بشتونبة، ما يجعله ثاني أقوى منافس في الرئاسيات الأفغانية. أما ثالث المتنافسين على كرسي الرئاسة الأفغانية فهو وزير الخارجية الأسبق عبد الله عبد الله الذي وإن كان يفتقر لدعم القبائل الكبرى إلا أنه يتمتع بدعم الأقليات العرقية، إلى جانب كونه الأكثر تمرسا في السياسة بالمقارنة مع منافسيه الذين طافوا العواصم الأوروبية من أجل التعليم أو العمل قبل العودة إلى أفغانستان فوز الإطاحة بطالبان، على عبد الله عبد الله الذي عرف النضال السياسي في الميدان من خلال شغله منصب المستشار السياسي للزعيم الراحل للأفغان، أحمد شاه مسعود قائد التحالف الأفغاني المناهض لحركة الطالبان. تأتي هذه الانتخابات على خلفية سياسية وأمنية حرجة، بالنظر للتهديدات الجدية التي أطلقتها حركة طالبان التي تعهدت بعرقلة ”الخدعة الغربية للسيطرة على أفغانستان”، ما جعل العواصم الغربية تتخوف من ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت بسبب تهديدات طالبان، فيما تخشى المعارضة قيام الحكومة الحالية بالتزوير لصالح من أسمته بمرشح النظام في إشارة إلى زلماي رسول الذي يحظى بدعم الرئيس المنتهية عهدته حامد كرزاي. وفي انتظار ظهور نتائج الجولة الأولى من الانتخابات المرتقبة في 24 أفريل الحالي واحتمال الذهاب إلى جولة ثانية في 28 ماي القادم، تبقى مخاوف عودة أفغانستان إلى الفوضى مع انسحاب قوات الحلف الأطلسي مع نهاية السنة الجارية، ما يرفع حجم تحديات الرئيس القادم المطالب بإنهاء الحرب مع طالبان والتوصل لاتفاق سلام، وبعث عجلة الاقتصاد الأفغاني المتدهور، ومواجهة زراعة الأفيون التي باتت من أكبر آفات البلاد.