يبدو أنك سعيد جداً بالنتيجة الرائعة التي تحصلت عليها هنا في الدوحة؟ نعم أنا في قمة السعادة برقمي الجديد في مسافة 1500 متر، لقد كان سباقا صعبا وبنسق عال جداً، وهو الأمر الذي ساعدني في الوصول إلى هذا الاستحقاق الذي طالما سعيت من أجله، وأعتقد أن تحقيق وقت قدره 3 دقائق و30 ثانية و40 جزءا من المائة في بداية الموسم يعد أمرا رائعا جدا، لقد دخلت الرابع في خط الوصول، يعني أنني لم أتحصل على أية نقطة فيما يخص مسابقة الدوري الماسي، لكنني سعيد جدا كون هدفي الأول هو العودة إلى مستواي بعد طول غياب، والحمد لله أن موسمي بدأ بهذا الشكل لأن هذا التوقيت ليس أبدا أمرا سهلا بعد موسم كامل من الغياب في انتظار الأفضل مستقبلا، والأكيد أن الشهية تأتي بالأكل، فكلما شاركت في سباق جديد استعدت لياقتي وخاصة ثقتي بنفسي التي جعلتني وستجعلني أتحدى الصعاب من أجل تحقيق أهدافي. هل كنت تتوقع تحقيق هذا التوقيت الذي يعتبر الأفضل في مشوارك لحد الآن؟ صراحة لا، كما قلت لك، جئت هنا إلى الدوحة من أجل بعث مشواري من جديد إثر غياب دام تقريبا سنة كاملة، كما أنني كنت مصرا على بداية الموسم رفقة بقية الرياضيين في أول تجمع من جولات الدوري الماسي هنا في قطر، انطلق السباق بسرعة كبيرة وقد أحسست بأن أمرا ما كان سيحدث في النهاية، خاصة أنني لاحظت بأن جميع العدائين في أفضل لياقتهم بعد التحضيرات المميزة التي قاموا بها خلال الفترة الماضية التي سبقت انطلاق الموسم، لقد بذلت مجهودات جبارة من أجل استعادة لياقتي بعد المرض الذي أصابني بداية الموسم الفارط، والحمد لله على توفيقه لي في مشواري، متمنيا أن تكون هذه البداية الموفقة لي في الدوحة بشرى خير لموسم مميز مليء بالنجاحات والأفراح. بغض النظر عن تحطيمك رقمك الشخصي، فإنه بمثابة عودة قوية إلى المضمار بعد موسم كامل من الغياب؟ نعم لقد غبت تقريبا عن الموسم الماضي كله إثر المرض الذي أصابني وأجبرني على التوقف عن ممارسة الرياضة ل6 أشهر كاملة، لقد مرّت علي فترات صعبة جدا، ولعل ما أثر في معنوياتي أكثر هو ابتعادي عن المضمار، حيث نصحني الأطباء بالاكتفاء بتمارين بسيطة جدا للشفاء في أقصر وقت ممكن، والحمد لله أن كل شيء مرّ بسلام وأن الأمور عادت إلى نصابها، ولا يمكن أن تتصور فرحتي يوم تلقيت الضوء الأخضر باستئناف التدريبات، لأن الجري أمر هام في حياتي اليومية، ولا يمكن أن يمر عليّ يوم واحد دون أن أقوم بذلك ولو لفترة قصيرة. ما هي تفاصيل المرض الذي أصابك، وهل توصل الأطباء لاكتشاف أسبابه الحقيقية؟ لقد تم اكتشافه صدفة خلال فحص طبي روتيني طلب مني على إثره الطبيب إجراء تحاليل عامة، فتبين أنني أعاني من التهاب الكبد من النوع “أ”، وهو الذي يجبر المريض على التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية المرهقة لفترة لا تقل عن 6 أشهر، وهو ما حصل معي بالضبط، حيث وجدت نفسي مجبرا على اتباع برنامج خاص فيما يتعلق بالغذاء والنوم وغير ذلك، كما تبين خلال التحقيق أنني أصبت بالمرض في إسبانيا إثر تناولي بعضا من فواكه البحر التي أثرت عليّ بشكل سريع جدا. وهل شفيت تماما منه أم مازلت تواصل العلاج؟ الحمد لله أنه تم اكتشاف مرضي بشكل سريع وفي الوقت اللازم، لأن فترة العلاج كانت ستدوم وقتا أطول، كما قلت لك، العلاج استمر لفترة 6 أشهر، أما الآن فقد عادت المياه إلى مجاريها والحمد لله الذي شفاني. كيف قضيت الفترة التي كنت خلالها بعيدا عن الميادين الرياضية؟ أولا الحمد لله على هذا الابتلاء، صحيح أن الصدمة كانت كبيرة في البداية خاصة عندما أخبرني الأطباء المختصون بأنني سأغيب عن الميادين لفترة أدناها 6 أشهر وأنني سأكون مجبرا على اتباع برنامج علاجي خاص من أجل الشفاء، لكن مع مرور الأسابيع والشهور تعودت على ذلك واستسلمت إن صح القول للأمر الواقع، خاصة أن عودتي إلى المضمار كانت مقترنة بمدى انضباطي في العلاج. يعني أنك لم تذهب إلى الجزائر منذ مدة؟ (يتنهد) لم أزرها منذ حوالي 3 أشهر ونصف تقريبا، وقد اشتقت كثيرا لأرض الوطن خاصة في هذه الفترة من السنة أي فصل الربيع، أين يكون كل شيء أخضر من حولك وهو أمر يجعلك ترتاح نفسيا. ما الشيء الذي اشتقت له أكثر خلال فترة غيابك عن الوطن؟ الوطن في حد ذاته وخاصة الأهل والوالدان اللذان لم ألتقهما منذ أزيد من 5 أشهر، بسبب تواجدي دوما للعلاج خارج الوطن، ثم بعد ذلك بداية تحضيراتي للموسم الجديد بأعالي الجبال الكينية، صحيح أنني غائب عن المنزل العائلي لكنني لم أتوقف أبدا عن التفكير في والدي اللذين لولاهما لما وصلت إلى ما أنا عليه اليوم، ثم بعد ذلك أصدقائي وأحبابي الذين بقيت على اتصال دائم بهم وكانوا بمثابة الدعم النفسي القوي خلال فترة علاجي التي دامت أكثر من 6 أشهر، أتمنى أن تكلل كل هذه التضحيات بالنجاح وأن أتمكن من تمثيل الجزائر أفضل تمثيل على غرار ما فعلته في المواعيد الكبرى السابقة. وماذا عن الفترة التحضيرية التي قضيتها في كينيا تحسبا للموسم الجديد؟ الأهم بالنسبة لي عند وصولي للأراضي الكينية هو أنني شفيت تماما من المرض وتلقيت الضوء الأخضر من طرف الخبراء للعودة إلى الميادين تدريجيا، وهو الأمر الذي حفزني كثيرا على بذل أقصى مجهود خلال الفترة التحضيرية التي كانت شاقة جدا عليّ، لكن إصراري ورغبتي الكبيرة جعلاني أخطو خطوات كبيرة من حيث الجاهزية البدنية في ظرف قياسي جدا، والدليل هو التوقيت القياسي في مشواري الذي حققته في أول تجمع لي هنا في الدوحة. كنت على وشك الغياب عن تجمع الدوحة، فماذا حصل بالضبط وما سبب رفض اللجنة المنظمة مشاركتك؟ لست أدري ماذا وقع بالضبط، لكن اللجنة المنظمة للدوري الماسي رفضت في البداية مشاركتي بحجة أنني قمت بتسجيل نفسي متأخرا، وهو الأمر الذي أقلقني نوعا ما خاصة أنني قطعت مسافة طويلة من أجل القدوم إلى هنا، ما استدعى تدخل السلطات الجزائرية ووزير الشباب والرياضة تهمي الذي دخل في اتصال مباشر مع المنظمين، والحمد لله أنهم فهموا وعرفوا ما معنى بطل أولمبي عربي، لقد صممت على المشاركة في هذا الملتقى وكأنني كنت أعلم مسبقا بأنني سأحطم رقمي القياسي الشخصي. علمنا بأنك قمت بتغيير مدربك بعد الشفاء من المرض مباشرة، فهل لنا أن نعرف الأسباب؟ في الحقيقة ليست هناك أية أسباب معينة ولا مشاكل، سوى أنني شعرت بحاجة لمدرب يعرفني وأرتاح معه أكثر، وهو الأمر الذي جعلني أعود لمدربي الأول الذي بدأت معه مشواري وهو علي رجيمي الذي أنا في قمة السعادة للعمل معه، وهذا لا يعني أبدا أن هناك خلافا مع مدربي السابق عمار براهمية، ولا حتى مع جامع عادن اللذين أشكرهما بالمناسبة على كل ما قدماه لي من دعم نفسي وأيضا كل ما تعلق بالجانب الفني. لكن الجميع انتظر أن تختار لنفسك مدربا عالميا واسما معروفا صاحب خبرة كبيرة في هذا المجال؟ أنا من الأشخاص الذين يؤمنون ويثقون في القدرات البشرية الجزائرية، وأريد أن أقدم نصيحة لكل الشباب الجزائريين بأنه لا وجود لأمر مستحيل في الحياة فقط العمل والمثابرة مع الاجتهاد هي مفاتيح النجاح، كما لا يجب أبدا التقليل من قدرات ومؤهلات مدربينا الذين أكدوا على مدار الأجيال حنكتهم وقدرتهم على خلق المعجزات حتى بأبسط الإمكانيات. مرت تقريبا سنتان عن تتويجك بطلا أولمبيا في لندن، فما الذي تغير في حياتك منذ تلك الفترة، وهل بدأت تتعود على الشهرة والنجومية؟ أعتقد أنني مازلت نفس توفيق مخلوفي الذي كان في السابق سواء من حيث التواضع أو حتى فيما تعلق بأمور أخرى، فمازالت تربطني علاقة أكثر من رائعة بمحيطي المعيشي وبالأخص أحبابي وزملائي، أكيد أن النجومية ليست بالأمر السهل، وتذوق طعم الفوز والنجاحات أيضا، إذ تصبح مطالبا دوما ببذل المزيد من الجهد لتحقيق نجاحات جديدة، وكما يقال ليس من الصعب الوصول إلى القمة لكن الأصعب هو البقاء فيها. أين مقر إقامتك الآن؟ (يبتسم).. والله ليس لدي عنوان معين، فأنا دائم الترحال من فندق لآخر، وأتمنى أن تكلل هذه التضحيات التي قمت ومازلت أقوم بها في آخر المطاف بالنجاح، وأن أتمكن من إدخال البهجة والسعادة والسرور مجددا للبيوت الجزائرية التي تنتظر مني الكثير، وقد قطعت مع نفسي عهدا أن أقدم لهم أكثر مما قدمته لحد الآن لأن شعبنا يستحق كل الخير. ما هي أهدافك المستقبلية وما الذي يطمح له مخلوفي هذا الموسم؟ صراحة أهدافي هذا الموسم ليست لها حدود وكلي رغبة في العودة إلى منصات التتويج، طموحي الأول هو التتويج بلقب الدوري الماسي ثم بإذن الله تحطيم الرقم القياسي الجزائري في سباق 1500 متر الذي لا يزال بحوزة نور الدين مرسلي، ولمَ لا تحطيم الرقم القياسي العالمي، لكن الأكيد أن هذا لا ولن يتحقق إلا بتضحيات كبيرة، لذا فعليّ العمل والاجتهاد والبحث دوما عن الأفضل خطوة بخطوة. تريد أن تضيف شيئا في النهاية؟ سلامي لكل أبناء الشعب الجزائري أينما كانوا، وبالأخص منهم الذين سألوا عني وبحثوا عن أخباري خلال فترة مرضي، واعدا إياهم برد الجميل ورفع الراية الوطنية عاليا خلال الاستحقاقات العالمية المقبلة، لقد كبرت على مفهوم واحد: وهو من عاش لأمة مات عظيما، وهو ما يجعلني أتعب أحيانا دون أن أمل لأن لدي مسؤولية كبيرة ملقاة على عاتقي وفي ذمتي دين أنا مجبر أن أوفيه.