هل فعلا وصل التدهور الأمني في ليبيا إلى درجة إشعال الأزمة في غرداية، وهل كانت محاولة اختطاف السفير عبد الحميد بوزاهر في ليبيا تهدف لاسترجاع أفراد من عائلة القذافي ؟ ما يعرفه الجميع هو أن الوضع في ليبيا سيئ جدا وكل محاولات لمّ الشمل حتى الساعة باءت بالفشل بسبب غياب مشروع وطني متفق عليه يتجاوز مشكلة القبلية. أما بالنسبة إلى الجزائر، فما أعرفه هو أن الجزائر لم تكن مرتاحة على حدودها مع ليبيا، لا في عهد القذافي ولا بعد رحيله، يعني أن الهمّ الواحد أصبح هموما تلد المشاكل تلو المشاكل. وآخر المعلومات تقول إن تأزم الوضع في ليبيا وصل صداه حتى مدينة غرداية. وبداية، لا أزعم دقة المعلومات التي وصلتني، ولكنني أنقل حديثا مع شخص موثوق زار المدينة قبيل الانتخابات الرئاسية والتقى أهلها ومسؤوليها: قال لي صديقي إن الوضع في ليبيا أحد أسباب تعفن الوضع في غرداية. ومضى يشرح مشاهداته وشهادات من التقاهم هناك، قائلا: بعدما تضرر نشاط التهريب على الحدود الليبية لدى تجار يمتهنون هذه المهنة من مدينة غرداية، وجد هؤلاء أنفسهم مجبرين على العودة والمكوث في المدينة، وهذا ما خلق أوضاعا جديدة اتسمت بالسرقات والاعتداءات، قبل أن يتطور الأمر لاحقا إلى مواجهات مفتوحة، واكتمل المشهد بدخول ورقة الطائفية والمذهبية سوق المواجهات. وهنا انتهى كلام صديقي عن غرداية، ورؤيته لتأثير الوضع في ليبيا حتى على السلم الاجتماعي في غرداية. وفي الواقع يمكن تصديق هذا التفسير بالنظر إلى ما جرى في شمال مالي، حيث كان آلاف التوارڤ يعيشون في ليبيا في نشاطات مشروعة وأخرى غير مشروعة، لكن بمجرد سقوط نظام القذافي بتلك الطريقة، حتى هرب هؤلاء وعادوا إلى شمال مالي، ورأينا كيف تحالف السلاح مع غباء ملازم في جيش مالي أعلن الانقلاب على الرئيس توماني توري، ثم دخلت البلاد في أزمة لها أول ولا آخر لها.. وتضررت الجزائر كالعادة من الوضع في ليبيا بطريقة غير مباشرة، وها هي لحد الآن لم تسترجع ثلاثة دبلوماسيين، لا يعرف أحد مكانهم. وفي حالة السفير عبد الحميد بوزاهر، وهو بالمناسبة دبلوماسي شجاع عرفته عن قرب في طرابلس، فيقال إن نجاح عائلة المحبوس الليبي محمد الدرسي في استرجاعه من الأردن مقابل الإفراج عن السفير فواز العيطان، أوحى للبعض فكرة اختطاف سفير الجزائر للمطالبة باسترجاع أفراد من عائلة القذافي يوجدون بالجزائر. لكن هناك من يقول أيضا إن جماعات متشددة أرادت تكرار سيناريو السفير الأمريكي كريس ستيفنز الذي قتل في بنغازي. [email protected]