عاد موضوع الحدود البرية المغلقة بين الجزائر والمغرب إلى الواجهة بمناسبة الزيارة التي قادت العاهل المغربي إلى تونس أول أمس، حيث ألقى خطابا بالبرلمان المحلي تناول العلاقات الثنائية والمغاربية والأزمة المستمرة مع الجزائر بسبب قضية الصحراء الغربية. ولم يسهب الملك في خطابه الطويل في موضوع الحدود، ولكن بدا بسبب تكراره على ألسنة المسؤولين المغاربة أنه يشكل مصدر قلق كبير لديهم. ومن بين ما جاء في خطاب العاهل المغربي أن المنطقة المغاربية “لا يجب أن تخلف موعدها مع التاريخ. كما لا يمكن لاتحادنا أن يبقى خارج منطق العصر. غير أن التعطيل المؤسف للاتحاد المغاربي يحول دون الاستغلال الأمثل للخيرات والقدرات التي تزخر بها بلداننا المغاربية. بل إنه يرهن مستقبل منطقتنا ويجعلها بعيدة عن التوجهات السائدة في مختلف مناطق العالم التي لا تؤمن إلا بالتكتل والتكامل والاندماج، لتحقيق التطلعات المشروعة لشعوبها إلى المزيد من التنمية والرخاء والأمن والاستقرار”. ومعلوم أن آخر قمة جمعت القادة المغاربة كانت بتونس عام 1994، بعدها دخل اتحاد المغرب العربي في نفق مظلم بسبب أزمة صائفة نفس العام التي شهدت فصلا غير مسبوق من التوتر بين الجزائر والرباط. فقد اتهم المغاربة المخابرات الجزائرية بتدبير وتنفيذ حادثة الاعتداء على سياح أوروبيين في مراكش. وتطور الوضع إلى فرض التأشيرة على الجزائريين لدخول المغرب، ونفذت الجزائر نفس الإجراء وزادت عليه غلق الحدود. وكانت آخر محاولة لالتئام القادة المغاربيين في قمة عام 2005 بطرابلس، لكنها فشلت بقرار محمد السادس مقاطعتها في آخر لحظة احتجاجا على رسالة رفعها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى رئيس جمهورية الصحراء الغربية عبر له فيها عن تضامنه. وأطلق الرئيس التونسي منصف المرزوقي العام الماضي مساعي لعقد قمة لكنه لم يجد صدى إيجابي لدى القادة. وأظهر ملك المغرب في خطابه تذمرا من رفض الجزائر مشاركة بلاده في التكتلات التي جمعت بلدان الساحل في إطار محاربة الإرهاب، إذ قال “مخطئ من يتوهم أن دولة بمفردها قادرة على حل مشاكل الأمن والاستقرار. فقد أكدت التجارب فشل المقاربات الإقصائية في مواجهة المخاطر الأمنية التي تهدد المنطقة، خاصة في ظل ما يشهده فضاء الساحل والصحراء من تحديات أمنية وتنموية”. وسبق للوزير المنتدب للشؤون الإفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل، أن خاص في رغبة المغاربة المشاركة في الاجتماعات الأمنية التي تجري مننذ 2011 بالمنطقة فقال “لا صلة للجغرافيا التي ينتمي إليها المغرب بالساحل الإفريقي”. وأضاف محمد السادس “ما فتئنا ندعوا منذ سنوات إلى انبثاق نظام مغاربي جديد على أساس روح ومنطوق معاهدة مراكش التأسيسية التي أكملت عامها الخامس والعشرين. نظام يتيح لدولنا الخمس مواكبة التحولات المتسارعة التي تعرفها المنطقة وفق مقاربة تشاركية وشاملة كفيلة برفع مختلف التحديات التنموية والأمنية”. وتابع “ومن هنا، فإن دول المغرب الكبير مدعوة أكثر من ذي قبل إلى التحلي بالإرادة الصادقة لتجاوز العقبات والعراقيل المصطنعة التي تقف أمام الانطلاقة الحقيقية لاتحادنا، في إطار من الثقة والحوار وحسن الجوار والاحترام المتبادل للخصوصيات الوطنية”. ويقصد الملك بالعراقيل المصطنعة” ضمنيا نزاع الصحراء الغربية الذي لم يأت ذكره في الخطاب.