قال بن حاج ل”الخبر” إنه “لا يبرئ السلطة من المكر والخديعة” في دعوتها شخصيات من الفيس لحضور مشاورات الدستور في رئاسة الجمهورية، معتبرا هذا السلوك من السلطة “مناورة سياسية القصد منها التغطية على عقدة الشرعية التي يعاني منها النظام بعد المقاطعة الواسعة في الرئاسيات”. وأوضح بن حاج أن شخصيات الفيس التي لبت دعوة السلطة “لم تستشر القيادة الشرعية، لكن ذلك لا يمنع أنهم أحرار في قرارهم، فهناك أناس كانوا في الجبهة تاريخيا، ثم اختاروا في فترات معينة طريقا آخر فلهم ذلك”. لكن رأي قادة الفيس، حسب بن حاج، “موجود في بيان المقاطعة للانتخابات الذي أشرنا فيه إلى أن الحل يكمن في عقد مؤتمر شامل”. ورفض قيادي الإنقاذ توجيه اللوم مباشرة إلى مدني مزراڤ، قائد الجيش الإسلامي للإنقاذ المحل، في استجابته لدعوة رئاسة الجمهورية، لكنه أشار لذلك ضمنيا في تثمينه لموقف عبد القادر بوخمخم الرافض للدعوة، مشاطرا ما استند عليه في حيثيات عدم المشاركة. وقال بن حاج بنبرة التساؤل: “كيف كانت السلطة تعتبر بعض الشخصيات إرهابيين، واليوم تدعوهم للمشاركة في إعداد الدستور، بينما الواقع يظهر أن المادة 26 من قانون المصالحة التي يريدون دسترتها، لا زالت تمنعنا من حقوقنا الدستورية”. ونفى في السياق ذاته أن يكون قادة الفيس قد رفع عنهم حظر السفر. وقدّر بن حاج في دعوة السلطة للمشاورات حول الدستور بأنها “ذر للرماد في العيون، فقد عودنا بوتفليقة أن يلجأ إلى مثل هذه الأساليب في كل مرة يعاني فيها من أزمة شرعية”. كيف ذلك؟ يجيب: “الملاحظ أن قانون الوئام المدني وقانون المصالحة جاءا بعد انتخابات رئاسية تخللتها أزمة”. واستغرب أن تسند قيادة هذه المشاورات لشخص أحمد أويحيى “المطرود من حزبه والذي شهد على أن سلطة المال تغولت على السياسة، وفشل في تسيير الحكومة والحزب”. وعما يثار من عودة الفيس إلى العمل السياسي بعد الدستور، ذكر بن حاج أنه “كلام شوارع ومقاه، ليس فيه أي أنباء رسمية، ونحن لازلنا نصر على أن الأزمة سياسية ينبغي حلها من جذورها وحل التوابع التي لحقتها كقضايا المختطفين ومعتقلي الصحراء وغيرها، لأننا نريد أن نطوي الصفحة ليس بالمكر والخديعة”. وأضاف: “من جانبنا إذا تطلب الأمر أن نمثل أمام محكمة وطنية أو دولية لمعرفة من كان المذنب في الأزمة فنحن مستعدون”. وبشأن إمكانية حضوره ندوة تنسيقية المعارضة، أكد بلحاج أنه تلقى دعوة بمعية قيادات أخرى من الفيس، وقال إنه “يبارك عمل التنسيقية ويدرس خيار المشاركة”. من جانبه، أوضح مدني مزراڤ أن لقاءه مع أحمد أويحيى “كان وديا تصالحيا ولم يكن رسميا”، لافتا إلى لقاء آخر ينتظره في إطار مشاورات الدستور بعد 15 يوما. وقال إنه حدث أويحيى في مشروع “ميثاق وطني يحضره جميع الجزائريين على مختلف توجهاتهم وإيديولوجياتهم”. واستفاض مزراڤ في شرح المقاييس التي جعلت رئاسة الجمهورية تختار من وجهة نظره شخصيات من الفيس للمشاركة في المشاورات دونا عن البقية، خاصة القادة التاريخيين، حيث روعي، حسبه، تمثيل التيارات الثلاثة التي توجد في الفيس اليوم. وقال في هذا الصدد: “السلطة وجهت الدعوة للهاشمي سحنوني وهو من تيار المؤسسين، بحكم مكانته في الساحة وتواصله الدائم مع الصحف”. وأضاف: “أما التيار الثاني الذي أفرزه مؤتمر باتنة (1991)، فقد اختير منه عبد القادر بوخمخم باعتباره الأكبر سنا وله مواقف إيجابية من المصالحة الوطنية، ولم يكن ممكنا دعوة بلحاج لأنه مازال يعاني من مشكل قضائي، أما الشيخ عباسي فهو موجود بقطر”. وتابع مزراڤ: “بقي التيار الثالث وهو الجيش الإسلامي للإنقاذ، الذي يعتبر الفصيل الأهم، لأن الجبهة انتهت عمليا في سنة 1994، وتم تذويبها داخل الجماعة الإسلامية المسلحة، ولولا الجيش الإسلامي للإنقاذ الذي انتشلها من هذا التنظيم وأبقاها كمظلة سياسية، لكانت الجبهة اليوم مجرد تنظيم إرهابي يتحمل كل كوارث البلاد”. وحول ندوة الانتقال الديمقراطي التي تسعى لتنظيمها تنسيقية المعارضة، قال مزراڤ: “إن الدعوة لم توجه لنا، وهم أحرار فيما ذهبوا إليه”، لكنه أبدى تحفظه مما اعتبره “استباقا للأحداث وإصدار موقف مسبق من جولات الحوار التي دعا إليها الرئيس”. وقال: “أعتقد أن ذلك كان موقفا خاطئا، فمن حق المعارضة أن تعمل على إيجاد أرضية إذا كانت تريد تسهيل العمل مع الدولة، لكن أن تقوم المعارضة بعرقلة عمل الدولة وحفر هوة بينها وبين السلطة، فهذا سيكون خطوة أولى على طريق الصدام الحتمي”.