مباشرة بعد نهاية اللقاء وخلال تجوال “الخبر” في شوارع ساو باولو، شاهدنا عددا كبيرا من البرازيليين، ولاسيما البرازيليات، يرقصون على الهواء على أنغام الموسيقى المحلية التي تمجد تشكيلة السيليساو، في مشهد رائع لم نره من قبل، غير أن الاحتفالات لم تدم طويلا، حسب شهادة العديد منهم، بسبب قرارات الحكم الياباني التي لم يتجرعوها، وهو ما أكد ه المسؤول الأول عن فندق “جي دوبلوفي أف” بسوروكابا، قائلا: “فرحنا بعد فوز منتخبنا، لكن لم نتجرع قرارات الحكم الياباني الذي منحنا هدية، وهو ما لا نتقبله، فإما أن نفوز بنسبة 100 بالمائة أو لا”. وأضاف محدثنا: “نحن شعب رياضي إلى أبعد حد، ولدينا روح رياضية عالية، وبالتالي لا نريد هدايا، فنحن قادرون على انتزاع الكأس دون مساعدة أحد”. وقد تزينت شوارع المدن البرازيلية، وبالأخص مدينة ساو باولو، باللونين الأصفر والأخضر، حيث تجاوب الجميع مع اللقطات التي قام بها رفاق فراد فوق المستطيل الأخضر. أما في مدرجات ملعب “أرينا كورينتياس”، فحدث ولا حرج، فقد أعطى أنصار المنتخب البرازيلي درسا للجميع في تشجيع منتخب بلادهم وفي احترام المنتخب المنافس، في مشهد يوحي بأنهما رياضيون إلى أقصى درجة، بدليل أنهم لم يصفروا على النشيد الوطني الكرواتي، بل بالعكس صفقوا بعد سماعه وصفقوا أيضا لتشكيلة المدرب نينو كوفاك. كما شجعوا بكل جوارحهم منتخب بلادهم، لاسيما بعد أن أخطأ مارسيلو بالتسجيل ضد مرماه، فلم تدم لحظة السكوت إلا دقيقة أو دقيقتين، حتى تعالت أصوات المناصرين بصوت واحد “ برازيليا.. برازيليا، برازيليا”، في موقف تقشعر له الأجسام، حتى أن ترديدهم لنشيدهم الوطني أوحى بأن البرازيليين وبالرغم من اختلافهم في الديانة وفي اللون وفي الأعراق، إلا أنهم جميعا يحبون البرازيل وكرة القدم التي توحدهم. المعارضة تتوعد والشرطة تهدد توعدت الكثير من الجمعيات والشخصيات المناهضة لإقامة المونديال هنا بالبرازيل، السلطات العليا، بتكثيف جهودها لإسماع صوتها المعارض والمطالب بإلغاء هذه المنافسة الكروية العالمية، بسبب اتهامها الفيفا وحكومة ديلما روسيف بالفساد. صحيح أن الأمن البرازيلي من شرطة وجيش وقوات خاصة، تمكنت أول أمس من تسيير حفل الافتتاح والمباراة بين منتخب السيليساو وكرواتيا بإحكام، بغلق جميع المنافذ المؤدية لملعب “أرينا كورينتياس” بساو باولو واستبداد الأمن بكل الوسائل المتاحة، لكن أصوات المعارضة لن تسكت، بدليل أنها توعدت الحكومة بتصعيد المظاهرات في الساعات القليلة القادمة. بعيدا عن أنظار العالم، التي كانت مشدودة أول أمس نحو ملعب “أرينا كورينتياس” الذي عرف تدشين المونديال البرازيلي، قامت العديد من الجمعيات والمنظمات غير الحكومية، بمظاهرات صاخبة بعيدا عن ملعب الافتتاح، في محاولة منها للفت الانتباه، لكن الأمن البرازيلي استعمل الغازات المسيلة للدموع والمطرقات لتفريق المتظاهرين، وإخماد كل مسيرة نحو الملعب. وإذا كانت حكومة الرئيسة ديلما روسيف قد نجحت نسبيا في المعركة الأولى، إلا أن الحرب، حسب ما نلاحظه هنا، لن تعرف نهاية قريبة، حيث تحضر الجمعيات لتصعيد اللهجة، في مختلف المباريات الأخرى، لاسيما التي تستقطب أنظار الوسط الكروي العالمي من أمثال مقابلات الأرجنتين، إيطاليا وإسبانيا.