هذا السّؤال ينبغي أن يطرحه كلّ جزائري على نفسه وهو يدخل هذا الشّهر الكريم، لماذا نصوم؟ هل نصوم من أجل الأكل وتنويع الموائد الرّمضانية بكلّ ما لذّ وطاب من المآكل والمشارب، وقضاء معظم أوقاتنا في الأسواق لاقتناء أجود أنواع الخضر والفواكه والعصائر والحلويات استعدادًا للفطور؟ هل نصوم من أجل السّهر مع الرّفقاء في المقاهي والخوض في أعراض النّاس دون قيود ولا ضوابط؟ هل نصوم من أجل أن نقضي نهارنا في النّوم وتفويت الصّلوات، وليلنا في السّهر واللّعب؟ للأسف هذه حال الكثير من الجزائريين، رمضان بالنّسبة لهم فرصة لكلّ ما ذكرنا، وإذن فلماذا انتظار هذا الشّهر الكريم والتّوسّل إلى الله أن يُبلّغنا إيّاه؟ لهؤلاء أقول: ينبغي أن تعلم أخي المسلم أنّ هذا الشّهر الكريم هو فرصة لك، منحة منحها الله إيّاك لتعود إلى الله إن كنت شاردًا، ولتزداد إقبالًا عليه إن كنت طائعًا ملتزمًا، إنّ رمضان هو نفحة من نفحات الله تعالى على عباده، ولله نفحات كثيرة كما أخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقوله: “إِنَّ لِرَبِّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لَا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا”. والتعرّض لهذه النّفحات يكون بمضاعفة الطّاعات، بكثرة الصّلاة والصّدقات وقراءة القرآن والذِّكر كما كان يفعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والصّحابة الكرام والسّلف رضي الله عنهم، لأنّ هذا الشّهر هو شهر المغفرة والعتق من النّار، والمحروم هو مَن حُرِم الطّاعة فيه، والخاسر مَن خرج من رمضان ولم يُغفَر له كما ورد عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “جَاءَنِي جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ رَمَضَانَ، فَانْسَلَخَ مِنْهُ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، فَقُلْتُ: آمِينَ. ثُمَّ قَالَ: شَقِيَ عَبْدٌ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ، فَقُلْتُ: آمِينَ”.