صنع دييغو دا سيلفا كوستا الحدث أيضا بعد القرار الذي اتخذه في شهر أكتوبر من السنة الماضية، المتمثل في تخليه عن جنسيته البرازيلية الأصلية وموافقته ”التجنس” بالجنسية الإسبانية بهدف الانضمام إلى منتخب ”الماتادور” في مونديال البرازيل 2014، إذ وبالرغم من كون المهاجم كوستا مولودا بتاريخ 07 أكتوبر 1988 بمدينة ”لاقارتو” البرازيلية، من أبوين برازيليين، غير أنه فضّل التخلي عن جنسيته الأصلية للانضمام إلى الإسبان، والسبب الرئيسي لهذا القرار هو رياضي بالدرجة الأولى، بعد حذف اسمه من قِبل مدرب المنتخب البرازيلي ”فيليبي سكولاري” من قائمة اللاعبين المعنيين بالمشاركة في كأس القارات سنة 2013 المنظمة في بلاد ”السامبا”، وهو الأمر الذي استغله جيدا مدرب المنتخب الإسباني ”ديل بوسكي”، من خلال مسارعته للاقتراح على هداف ”الأتليتكيو” المشاركة مع بلاده وحيازة الجنسية الإسبانية، وهي الفكرة التي وافق عليها المعني، وشارك أول مرة بألوان إسبانيا يوم 5 مارس الماضي في المباراة الودية أمام المنتخب الإيطالي وارتدائه لقميص يحمل رقم 19 قبل تقديمه لأداء متوسط في المونديال الحالي، ما كلّف إسبانيا في النهاية الإقصاء في الدور الأول. موضوع المهاجم كوستا جعل كثيرا من المختصين يفتحون النقاش الخاص بموضوع تخلي الرياضيين، في معظم التخصصات وليس في كرة القدم فقط، عن جنسياتهم الأصلية والانضمام إلى منتخبات بلدان أخرى تعطيهم فرصة التألق ”رياضيا” في مختلف المواعيد العالمية أو لدوافع مالية بالدرجة الأولى، مثلما سنلاحظه في ملف اليوم مع عدائي القارة السمراء الذين فضّلوا تغيير جنسياتهم الأصلية مقابل مبالغ مالية يحصلون عليها بالعملة الصعبة. ”ثراء منتخب السامبا” السبب الأول للاعبين البرازيليين يعلم جميع عشاق الكرة المستديرة جيدا بأن البرازيل ”دولة منتجة” في كل موسم رياضي علشرات اللاعبين المتألقين في مختلف المناصب، من حراس المرمى إلى المدافعين إلى لاعبي الوسط وصولا للمهاجمين، وهو ما يدفع كثيرا من الأندية الأوروبية العملاقة إلى انتداب ”العصافير النادرة” إلى صفوفها، وهم في سن صغيرة لصقل موهبتهم أكثر والاستفادة من إمكاناتهم الكبيرة من الناحيتين الفنية والبدنية. وتضم مختلف الدوريات الأوروبية كثيرا من اللاعبين البرازيليين المتألقين ممن يساهمون في قيادة فرقهم نحو مختلف التتويجات المحلية أو القارية، وهو ما يشكّل صداعا حقيقيا بالنسبة للناخبين الوطنيين لمنتخب البرازيل في جميع الأصناف، وليس في صنف الأكابر فقط، والدليل على ذلك أنهم يجدون صعوبات كبيرة في تحديد القوائم النهائية للاعبين في مختلف المواعيد، وفي النهاية يضطر الناخب إلى التخلي عن كثير من الأسماء اللامعة بسبب العدد المحدود من اللاعبين في كل قائمة، ويتسبب ذلك في النهاية في دفع كثير من اللاعبين البرازيليين إلى تغيير جنسيتهم الأصلية، والتحول إلى منتخبات بلدان أخرى ترغب في الاستفادة من خدماتهم في مختلف المواعيد الهامة. ومن أبرز اللاعبين البرازيليين نجد لاعب نادي باريس سان جيرمان الحالي ”تياغو موتا”، الذي فضل منذ سنة 2011 الالتحاق بصفوف المنتخب الايطالي، رغم أنه لعب في جميع الأصناف الصغرى بألوان منتخب بلاده الأصلي البرازيل، والأمر نفسه حدث مع لاعب برشلونة السابق أندرسون لويس دي سوزا، المعروف باسم ”ديكو”، بعد تفضيله اللعب بألوان منتخب البرتغال بداية من كأس أوروبا سنة 2004 بعد إقناعه من قِبل مواطنه المدرب فيليبي سكولاري بضرورة اختيار منتخب المستعمرة الأوروبية لأنه على يقين بعدم استدعائه من قِبل منتخب ”السامبا”. ولا تتوقف القائمة هنا، بل تتعدى إلى برازيليين آخرين فضّلوا منتخبات غير بلدانهم، مثل مدافع ريال مدريد ”بيبي” الذي اختار أيضا المنتخب البرتغالي. والأكثر من ذلك فإن بعض الأسماء البرازيلية فضّلت ”التجنس” في السنوات الأخيرة لصالح منتخبات عربية، مثل دوس سانتوس وكلينتون مع المنتخب التونسي، وساهما في تتويجه باللقب القاري سنة 2004، والمهاجم فابيو سيزار الذي فضّل الالتحاق بالمنتخب القطري. منتخب ”الماكينات الألمانية” للأمم المتحدة ومن أهم مميزات المنتخب الألماني لكرة القدم أنه ينتسب إليه عدد كبير جدا من اللاعبين الذين تعود أصولهم لمختلف البلدان الأوروبية وحتى الإفريقية والعربية، حيث ضمّ في صفوفه على سبيل المثال في المونديال ما قبل الأخير بجنوب إفريقيا لاعبين ينتمون لإحدى عشرة جنسية مختلفة، ومن أبرزهم نجد المهاجم ميروسلاف كلوزه الذي ولد في مدينة أبولي البولندية من أب ألماني وأم بولندية، هذه الأخيرة اسمها ”باربارا” ولعبت سابقا للمنتخب البولندي في رياضة كرة اليد، لكن ابنها فضّل الانضمام إلى منتخب ”الماكينات الألمانية”، الشيء نفسه بالنسبة للمهاجم الآخر لوكاس بودولسكي الذي تحصل في دورة 2006 التي جرت في ألمانيا على لقب أفضل لاعب ناشئ، حيث ولد في مدينة جليفيسيه البولندية وكان أمامه حرية الاختيار لكنه فضّل في النهاية ”المانشافت”. لكن الملاحظ في هذا اللاعب الذي يلعب لصالح نادي ”أرسنال” الانجليزي تصريحاته الصحفية، التي دائما ما يؤكد فيها افتخاره بكونه بولنديا من خلال قوله ”أمتلك جواز سفر ألماني لكن دمي بولندي”. وبدوره فإن مهاجم فيونتينا الايطالي ماريو غوميز يعد والده إسبانيا وأمه ألمانية ما سمح له باللعب لصالح ألمانيا، والشيء نفسه للاعب البايرن جيرومي بواتينغ الذي يعد والده غانيا وأمه ألمانية، ولكن شقيقه لاعب شالك الألماني ”كيفن برنس” فضّل اللعب لصالح المنتخب الغاني، وتضم ألمانيا أيضا لاعبا من أصول عربية هو سامي خضيرة الذي ولد من أب تونسي وأم ألمانية، ونجد أيضا صانع الألعاب مسعود أوزيل الذي ولد بالمقاطعة الألمانية ”جيليسينيكيرشن” من أصول تركية مائة بالمائة لكنه فضّل الالتحاق ببلد أقوى اقتصاديات أوروبا، رغم الاتصالات التي تلقاها من قِبل الاتحاد التركي لكرة القدم بهدف الانتساب لمنتخب بلاده الأصلي. ويرى كثير من المختصين بأن ”تجنيس” اللاعبين لصالح منتخب ألمانيا ”أمر عادي”، مادام أن هذا البلد معروف عنه الهجرة الواسعة من مختلف الجنسيات والبلدان الأخرى. ”الفيفا” وضعت قوانين جديدة بسبب المنتخب القطري حدث ما لم يكن متوقعا بخصوص موضوع ”تجنيس اللاعبين” قبل 8 سنوات، عندما أشرف على المنتخب القطري الفرنسي فيليب تروسيه، الذي أقنع المسؤولين القطريين بضرورة الاعتماد على تجنيس أكبر عدد من اللاعبين الأجانب الحاملين لمختلف الجنسيات ممن يتألقون في مختلف الدوريات الأوروبية، بهدف إقناعهم بحمل ”القميص العنابي”، مقابل مبالغ مالية معتبرة بالعملة الصعبة، وذلك استعدادا لمختلف المنافسات الهامة التي تنتظر المنتخب، سواء كأس آسيا أو التصفيات المؤهلة للمونديال. وانطلق المعني شخصيا في هذه العملية من خلال شروعه في التفاوض مع لاعبين معروفين في الساحة العالمية، يتقدمهم هداف نادي دورتموند الألماني ”آيلتون” ذو الجنسية البرازيلية ومواطنه ”ديدي”، ولكن ذلك لم يمر مرور الكرام على الصحافة العالمية التي ”أدانت بشدة” تحركات الدولة الصغيرة قطر، وهو ما اضطر الاتحاد الدولي ”الفيفا” إلى إصدار قوانين مشددة من أجل التجنيس، وأهمها أربعة شروط أساسية وهي: اللاعب يجب أن يكون مولودا في منطقة لها صلة بالاتحاد أو والده ووالدته مولودان بمنطقة أيضا لها صلة بالاتحاد أو جده وجدته مولودان بمنطقة لها صلة بالاتحاد أو عاش سنتين على الأقل بشكل مستمر في منطقة لها صلة بالاتحاد، ولكن الاتحاد القطري سارع إلى التكيف مع هذه القوانين، من خلال إقناع لاعبين أجانب باللعب في صفوف الأندية المحلية القطرية لمدة لا تقل عن سنتين قبل منحهم الجنسية القطرية مقابل مبالغ مالية معتبرة، وقد نجح في إقناع لاعبين أصحاب إمكانات جيدة في صورة المهاجم سيباستيان سوريا من الأورغواي، وعبد اللّه كوني من السنغال، وحسين ياسر من مصر، وفابيو سيزار من البرازيل. ومن أبرز اللاعبين المجنسين مؤخرا في المنتخب القطري نجد الجزائري بوعلام خوخي الذي يمتاز بإمكانات ممتازة وصاحب فعالية كبيرة، حيث رأى هذا الشاب أنه من الأفضل اختيار المنتخب الخليجي دون الجزائري، نظرا للاستفادة المالية الكبيرة التي ستعود عليه. وأمام هذه الوضعية رأت ”الفيفا” أنه من الضروري تشديد القوانين مرة أخرى، من خلال رفع المدة الزمنية التي يقضيها اللاعب الأجنبي في دولة الاتحاد من سنتين إلى 5 سنوات، وسارع مؤخرا الاتحاد القطري إلى إصدار قوانين جديدة في المنافسة المحلية تتمثل في تقليص عدد اللاعبين الأجانب إلى 3 في كل فريق بهدف إتاحة الفرصة كاملة أمام اللاعبين القطريين تحسبا للمونديال المقام في هذا البلد الصغير سنة 2022. روراوة وراء قانون ”الباهاماس” من ”الإنجازات” التي تحسب لرئيس الفيدرالية الجزائرية لكرة القدم، محمد روراوة، وهو عضو تنفيذي في الهيئة الدولية لكرة القدم ”الفيفا”، أنه كان وراء استحداث القانون المعروف باسم ”قانون الباهاماس” الذي أعلن عنه رسميا في صيف 2009، حيث يسمح القانون الجديد للاعب مزدوج الجنسية بتغيير المنتخب الذي تقمص ألوانه في الأصناف الصغرى بشرط ألا يكون قد لعب للمنتخب الأول، وهو ما كان سببا في تدعيم المنتخب الجزائري بكثير من اللاعبين المتألقين الذين لعبوا لسنوات طويلة بألوان منتخب ”الديكة” في الفئات الشبانية، يتقدمهم مراد مغني وكارل مجاني وإسحاق بلفوضيل وياسين إبراهيمي وسفير تايدر. وقد كان لهذا القانون الانعكاسات الإيجابية على ”الخضر” بدليل تأهلهم في مرتين متتاليتين لكأس العالم سنتي 2010 و2014، وهذا في انتظار الاستفادة من لاعبين آخرين أصحاب إمكانات جيدة قادرين على إعطاء الإضافة القوية، خاصة وأن مستوى اللاعبين المحليين في البطولة الوطنية ضعيف مقارنة بالمغتربين المحترفين في أقوى الدوريات الأوروبية. وفي المقابل، فإن بعض المختصين يرون ”مخاطر قانون الباهاماس” من خلال قولهم بأنه سيكون له آثار وخيمة على المنتخب في المستقبل، لأنه سيواصل الاعتماد على اللاعبين المكوّنين في مدارس فرنسية وقدومهم لن يكون مجانا من أجل ”عيون الوطن”، بل مقابل مبالغ مالية معتبرة بالعملة الصعبة، والدليل في ذلك مختلف التقارير الصحفية التي تحدثت بأن لاعب الأنتر الإيطالي سفير تايدر تلقى إغراءات مالية من قِبل روراوة لاختيار الجزائر دون تونس، مادام أن والده تونسي وأمه جزائرية بدليل أن شقيقه الأكبر لعب سابقا في صفوف منتخب ”نسور قرطاج”، والشيء نفسه حدث للوافد الجديد نبيل بن طالب لاعب توتنهام الانجليزي، الذي لم يوافق على الالتحاق بصفوف ”الخضر” سوى بعد الوعود التي تلقاها بخصوص الاستفادة من مبلغ مالي معتبر مقابل عقد إشهاري مع شركة راعية للفدرالية الجزائرية. الأمر لا يقتصر فقط على لاعبي كرة القدم يظن البعض بأن تغيير الجنسية الأصلية لدوافع رياضية يمس فقط لاعبي كرة القدم، بل يمتد إلى تخصصات أخرى، ومن أهم القضايا التي عرفتها الساحة الوطنية ولم تأخذ حقها كاملا من الإعلام الوطني حصول الجزائري لاعب التنس لمين الوهاب على الجنسية المغربية، بطلب منه، من أجل تمثيل البلد الجار في مختلف المحافل الدولية دون بلده الأصلي، بسبب عدم اكتراث المسؤولين عندنا، حيث نشر في الجريدة الرسمية المغربية يوم 07 نوفمبر 2013 معلومة منح الجنسية المغربية لهذا الرياضي المتألق. وصنعت أيضا لاعبة كرة السلة الأمريكية بيكي هاومون الحدث عالميا من خلال تغيير جنسيتها الأصلية إلى الجنسية الروسية، بسبب عدم استدعائها لمنتخب بلادها في أولمبياد بكين 2008، وقالت بأن قرارها سببه رياضي بالدرجة الأولى لأن فرصة المشاركة في الدورات الأولمبية تأتي مرة واحدة في المسيرة الرياضية. وبدورها فإن أمريكا لم تخرج عن هذه القاعدة في دورة بكين أيضا من خلال إقناعها العداء الكيني برنارد لاقات بتمثيلها في الدورة دون بلده الأصلي. وكانت قطر حاضرة دائما في الموعد، من خلال منحها مبلغ مليون دولار للعداء الكيني ستيفان كيرونو لتمثيلها في مختلف المنافسات الدولية، مع مطالبته بتغيير اسمه إلى سيف السعيد شاهين. العرب ”يتجنّسون” لصالح الكيان الصهيوني! ووصمة العار التي ستظل في جبين الرياضيين العرب بخصوص موضوع ”التجنيس” هو تفضيل بعضهم الانضمام لصالح منتخب الكيان الصهيوني إسرائيل في مختلف التخصصات، ومن أبرزهم المصري محمد صبحي الذي يعد حاليا بطل إسرائيل في الملاكمة، وهو مولود من أب فلسطيني وأم مصرية وحاول الالتحاق بمنتخب ”الفراعنة” في الفن النبيل لكن تم رفضه بسبب نقص مستواه، ما اضطره إلى السفر نحو ”الكيان المغتصب للأراضي الفلسطينية” وقبول التجنس هناك. وتحدثت مصادر إعلامية عربية عن وجود ثمانية رياضيين عرب من جنسية مصرية ”تجنّسوا” لصالح إسرائيل ويمثلونها حاليا في مختلف التخصصات، منها الملاكمة وكرة القدم الشاطئية.