كانت الأمور بقسم مصلحة أمراض النساء والتوليد لمستشفى مصطفى باشا الجامعي، صبيحة أول أمس، طبيعية.. وجدنا الفرقة الطبية المبرمجة للعمل في ذلك اليوم، والمكونة من ثلاث طبيبات مختصات، تتابعن حالات النسوة اللواتي قدمن لمعاينات خاصة بأمراض النساء، والتي أكدت لنا إحدى الطبيبات أنها عادة ما تكون متابعة لحالات عقم أو مرض ما، لكن الظروف تتغير في الفترة المسائية أثناء المناوبات. وفي هذا الصدد، تقول الطبيبة “وريدة.ب” إن فترة آخر النهار تمثل الذروة وقد تستمر على تلك الوتيرة حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث تستقبل مصلحة التوليد الحوامل من الجزائر العاصمة والولايات المجاورة، بل وحتى من ولايات بعيدة تتولى سيارات الإسعاف نقلهن “إذ عادة ما يتعلق الأمر بحالات عسيرة تتطلب تدخلا جراحيا فوريا”. وتضيف الدكتورة وريدة أن الأمر يتعلق عادة بنساء مصابات بالسكري أو بأمراض القلب أو ارتفاع الضغط الشرياني، والتي تكون ولاداتهن عسيرة وتتطلب تدخلات عديدة من كل أعضاء الطاقم الطبي، وهو ما يجبرهم على دخول قاعات الجراحة والمكوث بها لساعات طويلة، يتخللها طبعا آذان المغرب الذي “لا ننتبه لحلوله بسبب انهماكنا في العمل، ولا نشعر بالجوع أو العطش إلا حينما تنزع عنّا إحدى الممرضات كمامات الجراحة لتناول حبة تمر أو شرب كوب من الماء البارد ثم نتابع العملية”. وعن هذا الموضوع، يقول البروفيسور بوزيد عداد رئيس مصلحة أمراض النساء بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، إن مصلحته، على سبيل المثال، تضم قسما خاصا بالولادات الخطيرة وهو الوحيد من نوعه على المستوى الوطني، ويستقبل الحوامل المصابات بالأمراض الخطيرة، وهو ما يفرض علينا توفير تكفلا مميزا بهن، وخاصة أثناء الولادة، وهو ما يفسّر استقبال الكثير من هذه الحالات يوميا، سواء في شهر رمضان أو في الأيام العادية. وحسب المتحدث نفسه، فإن “العمل في رمضان أو غيره بالنسبة لهذه المصلحة هو نفسه، ومهمتنا الوحيدة هي إنقاذ حياة الأم والجنين”، مشيرا إلى أن هذه المصلحة تسجل ولادة 30 مولودا في اليوم وغالبية هذه الولادات دقيقة وعسيرة وتتطلب صبرا ووقتا أطول. نفطر بعد صلاة العشاء والسحور في خبر كان من جهتها، قالت الدكتورة “س.لامية” اختصاصية في أمراض النساء والتوليد بمستشفى مصطفى باشا الجامعي، إنهم عادة ما ينسون بأنهم صائمون من كثرة ضغط العمل اليومي أثناء المناوبة، مضيفة أنه لم يحدث وأن تناولوا الإفطار في وقته، بل بعد مرور ثلاث إلى أربع ساعات بعد المغرب، حيث يعمدون إلى تسخين ما جلبه لهم ذووهم من أكل. أما عن الإمساك، فعادة ما يستغنون عنه مجبرين بسبب تزامنه مع حالات جراحية مستعجلة، والأمر نفسه أكدته لنا الدكتورة “نورة.ن” اختصاصية في أمراض النساء والتوليد بمستشفى بارني بحسين داي، والتي أوضحت بأن معدل الولادات يتضاعف خلال فترة الصيف، وبتزامن شهر الصيام مع هذه الفترة تتزايد يوميا الولادات العادية، أو التي تتطلب عمليات قيصرية، مما يضاعف من نشاط الفريق الطبي، وهو ما يعني استحالة تناول وجبة الفطور أو السحور في وقته “لكن ليس لدينا خيار وواجبنا المهني أولى”، تقول محدثتنا، التي كانت مجبرة على تركنا في بداية تلك الأمسية الرمضانية بسبب حالة استعجالية وصلتهم للتو.