أعطى الإسلام عناية خاصة بالشّباب واهتمامًا كبيرًا، بتنشئتهم وتربيتهم وتوجيههم والتكفّل بانشغالاتهم واحتياجاتهم المادية والعقلية والنّفسية، حتّى يصير الشّاب قويًّا في عقله وعلمه وبدنه، وبذلك يتحقّق المراد من وصف الله لمرحلة الشّباب بالقوّة. ومن الكتابة والتّنظير إلى واقع ممزوج بين سلبية ذاتية وحجر خارجي يعيشه السّواد الأعظم من شباب اليوم، وأعني بالسِّلبية الذّاتية بالمرض والعِلَل النّفسية الّتي جثمت على صدورهم، فقتلت فيهم الإرادة والطموح وألبستهم رداء الكسل والملل، حتّى صار بعضهم دمًا تتقاذفها المخدّرات والجرائم. والأرقام في هذا مخيفة، تجعل الحليم حيرانا لِمَا آل إليه مجتمعنا الجزائري خصوصًا، وأقصد بالحجر الخارجي منع التصرّف وقتل الإبداع الّذي يُمارسه الشِّيب على الشّباب وعلى مدار عقود من الزّمن، إذ كان الأجدر تسليم المشعل لمَن هُم أقدر على أدائها وتحمّل مسؤولياتها تمامًا، كما كان قادة ثورتنا وصانعو مجدنا أيّام الاستدمار الفرنسي. ولكم أن تعرفوا أيُّها الشّباب ونحن على مشارف الذِّكرى الخمسين لاستقلال الجزائر أنّ مَن منحنا الاستقلال وجابَه الاستدمار هُم شباب لا يتعدّى سن أغلبهم الثلاثين عامًا، وقد أعطوا للعالم أجمَع دروسًا لا تنسى في التّضحية والشّجاعة والتّخطيط والتّنظيم، ومثال على ذلك الشّهيد البطل العربي بن مهيدي الّذي كان واحدًا من مجموعة 22 التاريخية الّتي فجّرت الثورة، ولَم يتجاوز عمره الثلاثين عامًا، واستشهد بعد سبع سنوات من ذلك، وهو صاحب المقولة المشهورة: ‘'ألقوا بالثّورة للشّارع يحتضنها الشّعب''. قال عنه الجنرال الفرنسي مرسيل بيغار قبيل إعدامه: ‘'لو أنّ لي ثُلّة من أمثال بن مهيدي، لغزوتُ العالم''. ومن وهران إلى المرادية، حيث كان الشّهيد البطل الشّاب ديدوش مراد هو من مجموعة 22 ثمّ من قادتها {5+1} استشهد ولم يتجاوز 28 من عمره. ولشباب اليوم من أحفاد ديدوش وبن مهيدي، نقول: إنّ الحياة في سبيل الله أيضًا من قبيل الجهاد، وإنّ حلقة البناء تأتي بعد التّحرير، فقط عليكم أن تدركوا أنّه لا أحد غيركم يبني مستقبلكم وحاضركم، وأنّه لا وطن غير الجزائر الطيّبة الطاهرة، فقط تسلّحوا بالعِلم وتزيّنُوا بالمكارم وتزوّدوا بالإيمان وحُسن الصِّلة بالله تعالى.