تقودك جولة فنية لأول مرة في الجزائر، أحييت من خلالها سهرة بكل من العاصمة وقسنطينة، كيف استقبلك الجمهور؟ كنت أنوي زيارة الجزائر منذ زمان بعيد، وكانت عندي رغبة في إحياء حفلات بها، بحيث لي جمهور كبير من الجزائريين داخل الإمارات العربية المتحدة وخارجها. التقيت بهم في مناسبات عديدة، ولم أتوقع أن يكون لديهم هذا الحس المرهف والشعور الحيوي والتفاعل مع الكلمة الطيبة. كما لم أكن أتصور أبدا أن يكون لي جمهور واسع هنا في أرض الجزائر. وقد تمكن مدير أعمالي فادي طلبي من ضبط موعد حضوري، وأكد لي أن الأمور ستكون جيدة وهو ما وقفت عليه صراحة. هذه أول مرة أزور فيها الجزائر، وقد كنت مترددا في بادئ الأمر وكنت متخوفا من استقبال الجمهور لي. وقد وجدت أن الكل يعرفني ويقدرني، أحييت أول سهرة لي في قاعة الأطلس أين أدركت طبيعة الجزائريين المرحة. تأخرت في زيارة الجزائر رغم العديد من الدعوات الموجهة لك سابقا فلماذا رفضت المجيء؟ لم أرفض الدعوات، لكن الأمور لم تمش وفق الوجهة الصحيحة. تلقيت دعوات من قبل العديد من الجمعيات، لكن لم تحدث أي متابعة. كانوا يريدون أن أتحمل كل الأعباء، دون أن أعرف حتى خلفياتهم ولأي جهة ينتسبون. أنا هنا لا أتحدث عن الجانب المادي فقط، فقد سافرت إلى العديد من البلدان على غرار كندا وقدمت سهرات بالمجان، وكان فيها حوالي 10 آلاف شخص. ولما وجهت لي دعوة من قبل الديوان الوطني للثقافة والإعلام، وهي جهة معروفة في الجزائر، وافقت مباشرة. مشوارك الفني عمره سنوات طويلة، كيف فرضت طابع الإنشاد في صورة إسلامية إبداعية وحافظت على نفس المستوى؟ لم أقرر الدخول في الإنشاد في بداية الأمر، كنت أشارك في الحفلات المدرسية فاكتشفت أن الموهبة ولدت معي، كنت أعمل على تقديم أنشودة راقية تتماشى مع الحالات الموسيقية المقدمة فيها وهي الصوت، بعدها فرضت أسلوبي الخاص وبطريقة صحيحة بعيدة عن العشوائية. لم أعرف إن كان الناس سيتقبلون بذلك أم لا، حيث لاقت أول أنشودة لي الرفض لأن فيها طابع الحزن. إذا آمنت بشيء لا يهمني إن رفضه الناس، فالمهم أن أكون راضيا عنه. ما أقدمه يشعرني بالفرح والنجاح، ولم تكن الشهرة تعني لي شيئا مطلقا، والحمد لله انتشرت أعمالي في الشارقة ثم الإمارات، لأفاجأ بصيتها بعد أن رحلت إلى بريطانيا، أين وجدت 70 ألف شخص في انتظاري، ولم أتوقع أن يكون الحفل كله قائما من أجلي. ما هي الرسالة التي تود توصيلها عبر الإنشاد؟ وهل له تأثير على الحياة الاجتماعية؟ الأناشيد بالنسبة لي هي دعوة إلى الله، من خلالها بدأت أفكر للإنشاد في أمور أخرى مثلا للسلام والمجاعة وغيرها من المواضيع. لكن عبر السنوات بدأت أتفاعل مع المنظومة الأصلية للنشيد وأتطرق إلى أمور مذكورة في القرآن الكريم، فقمت بتحويلها إلى أناشيد، كحقوق الأطفال على والديهم كموضوع ديني. في كل أنشودة أقدمها أرى قضية ورسالة يجب أن أجد لها حلا، ويكون لها تأثير على المجتمع. تحرص على تلحين أناشيدك لوحدك، ولم نجد لك عملا مشتركا، هذا بسبب رفضك إدخال الآلات على النشيد؟ كنت دائما أرغب في ادخال آلات موسيقية على أناشيدي مثل الدفوف وهي آلات حلال، بمساعدة بعض الجهات التي تشرف على التلحين في إمارة دبي، حيث حاولت ولمدة يومين إدخال هذه الدفوف على إحدى أناشيدي، وبالفعل أيقنت أن هذا الأسلوب هو الأمثل لي والذي يعوض أية آلة موسيقية. وإلى اليوم ما زلت أرفض إدخال الآلات الموسيقية على أناشيدي، حتى لا يقول الناس إن أبو خاطر يحاول أن يصبح مغنيا ويرغب في تغيير أسلوبه. هل ساندت المنتخب الجزائري لكرة القدم عبر صفحة فايسبوك؟ أنا لست من عشاق كرة القدم، لكن ساندنا الفريق العربي الوحيد المشارك في المونديال وظهر ذلك عبر صفحتي على فايسبوك، وأذكر أن الجزائريين أكثر جمهور معجب بي على فايسبوك، وهم يحتلون المرتبة الأولى من حيث العدد ليتأتي وراءهم المصريون ثم الباكستانيون، وقد عبرت من خلال المساندة عن حبي لهم، ولا تنسوا أن مدير أعمالي جزائري وقد ساعدني في الأمر. كيف ترى واقع الإنشاد العربي والجزائري حاليا الذي أصبح يعتمد على الصورة والصوت؟ النشيد أصبح واسعا جدا، هناك أناس ابتكروا فيه الموسيقى، وقد وصل إلى مرحلة كبيرة وأضحى يضاهي الأغاني، لكنه لم يجد بعد وجهات ترعاه كما يفعلون تجاه الغناء. احتكاكي مع المنشدين الجزائريين كان عبر برنامج منشد الشارقة الذي كنت عضو تحكيم فيه، هم يملكون مواهب كبيرة لكن لا يوجد من يستثمر فيهم. اخترت أن تكون منشدا بدلا من قارئ للقرآن على غرار أفراد الأسرة التي تنتمي إليها؟ ختمت القرآن الكريم وحفظته في سن مبكرة، لم أستطع أن أوظف القرآن في حياتي الشخصية، صح القرآن الكريم حفظته لنفسي لكن لم أكن أستطع مثلا أن أؤم الناس في المسجد، أخي الأكبر صلاح الدين سلك هذا الطريق وأصبح من أكبر المقرئين على مستوى الإمارات العربية والعالم الإسلامي، لكن أنا مباشرة بعد تخرجي من الجامعة توجهت للإنشاد، وهذا لا ينفي توجهي مستقبلا إلى هذا الجانب.