رغم أنها يبديان تمسكا شديدا بمرجعية مؤتمر الصومام في أدبياتهما السياسية، إلا أن إحياء جبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية لهذه الذكرى التاريخية، التي تصادف تاريخ ال20 أوت، لم يمر دون تبادل رسائل مشفرة بين الحزبين الغريمين في منطقة القبائل، بحيث استغل الأرسيدي المناسبة ليبدي تحفظه الشديد على مبادرة الإجماع الوطني التي يطرحها الأفافاس. اعتبر علي العسكري، عضو الهيئة الرئاسية للأفافاس، أن ”تجميع القوى الحية للبلد دون إقصاء من أجل وضع تصور وتحقيق هدفنا ورؤيتنا، هو مؤشر قوي للجزائر والعالم أن الجزائر تلتزم، موحدة ومصممة، على التطور واللحاق بالدول الصاعدة”. وأوضح أن ”أهداف الأفافاس هي دائما ذاتها الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتغيير الهادئ، وتحسين ظروف المعيشة الذي تعاهدنا عليها هنا في إفري”. وأضاف العسكري، في كلمته أمام البيت الذي اجتمع فيه القادة التاريخيون لمؤتمر الصومام، أن ”الأفافاس يعرض خطوته في إطار التنسيق والتواصل بتحديد الخطوات والوسائل للخروج من النظام السياسي الحالي”. وقال إن ”الأفافاس أوضح أن أسس الإجماع الوطني تكمن في بناء بديل ديمقراطي في إطار استكمال نداء أول نوفمبر ومؤتمر الصومام”. وورد في كلمة السكرتير الأول للأفافاس، محمد نبو، في أول ظهور علني له في منصبه الجديد، قوله: ”أنا مبتهج للتقدم الكبير الذي حققناه، فمنذ المؤتمر الخامس الذي دعونا فيه إلى إعادة بناء الإجماع الوطني في ماي 2013 إلى يومنا، لا يوجد أحد اليوم يبدي موقفا حازما في معارضة خطوة الإجماع الوطني، هذا التطور يعتبر علامة جديدة للخطوات المنتظرة مستقبليا”. لكن الرد جاء سريعا من محسن بلعباس، رئيس التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، أن حزبه ”لا يسعى ولا يطالب بإجماع وطني مشبوه مع السلطة، على حساب مصالح الشعب ومستقبل وطن بأكمله”، في إشارة واضحة إلى قيادة جبهة القوى الاشتراكية صاحبة مبادرة ”إجماع وطني”. وقال بلعباس، أمس، في افتتاح أشغال ملتقى حول مؤتمر الصومام بمسرح بجاية، إن ”مشروعا بهذا الحجم لا يحتاج إلى وسيط، فالسلطة التي تتوفر على جميع الصلاحيات والسلطات هي المطالبة بالخروج من قوقعتها وتقديم مؤشرات حسن النية وليس العكس”. مشيرا إلى أنه ”لا يجب الخروج دائما بثوب الضحية، ورفض الإهانة والظلم والتعجرف المفروضة من قبل الحكم وأخذ زمام المبادرة”. ويبدو الاختلاف واضحا في مقاربات الخروج من الأزمة السياسية بين الأفافاس والأرسيدي، فالأول لا يرى بديلا عن مصاحبة النظام الحالي لكل تغيير منتظر، في حين يعتبر الثاني الذي يعمل في إطار تنسيقية الانتقال الديمقراطي هذه الدعوة بمثابة طوق نجاة للنظام الذي لا يبدي أي مؤشر يستجيب لمطالب التغيير الملحة.