أكد السيد لوك كاليبا مدير عام مجموعة لافارج الجزائر، المتخصصة في إنتاج مواد البناء وخاصة الاسمنت والذي يغادر الجزائر بعد خمس سنوات وتعويضه بإيريك موريو على أهمية الاستثمارات التي قامت بها لافارج في الجزائر والتي فاقت 24 مليار دينار أي ما يعادل قرابة 300 مليون دولار. مشيرا إلى مواصلة المجموعة لانتهاج نفس السياسة، مع إقامة مصنع جديد ببسكرة. ولاحظ نفس المسؤول وجود بعض النقائص والتي تجعل أسعار المنتجات تخرج من مصانع الشركة بأسعار معقولة ولكنها تتضاعف مرتين في سوق التجزئة. كيف تنظرون الى السوق الجزائرية وهل يناسبكم مناخ الأعمال بها وفقا لمخطط تنميتكم؟ ينمو البناء في الجزائر بإطراد على المستوى الكمي والنوعي أيضا، وعليه، فإنه يتطلب مجهودا استثماريا دائما لتكييف الإنتاج تدريجيا مع الطلب. وفي نظرنا، فإن المجهود يجب أن يكون معقولا لسببين، الأول لتجنّب مخاطر فوائض الإنتاج الإجمالي الذي يبقى سلبيا في نهاية المطاف، ثم لضمان أن يكون موقع الاستثمار أقرب ما يمكن من مناطق الاستهلاك، وأين يمكن أن نسجل نقصا في إمدادات الإسمنت حاليا، أما على المستوى النوعي، فإن القطاع يتطلب جهودا دائمة من الابتكار وتطوير خطوط منتجات وخدمات للاستجابة للرهانات المتصلة بمدة الإنجاز والبناء الدائم بأسعار معقولة. وبالنسبة للافارج، فإننا نعمل على محورين، حيث قمنا باستثمار 24 مليار دينار في ظرف ست سنوات، وهو ما سمح لنا بمضاعفة إنتاجنا في كافة المهن والتخصصات، أما مصنع الإسمنت الذي يوجد في طور الإنجاز بالشراكة في بسكرة، فإنه سيتيح لنا تغطية العجز في حاجيات مناطق الجنوب والهضاب العليا، كما تسمح جهودنا في ميدان الابتكار باقتراح منتجات فريدة من نوعها، كما هو الحال بالنسبة للإسمنت والخرسانة لتكون في خدمة بناء أسرع وأكثر ديمومة وبأسعار في متناول الجميع وبنوعية رفيعة. إننا نعتمد سياسة ترمي إلى الاستجابة بصورة ملائمة لتطلعات السوق، وهو ما يتطلب خبرة ومعرفة أثبتت جدواها، ونحن محظوظون في لافارج لأنه بإمكاننا الاعتماد على خبرة منتج عريق للاسمنت ومن طراز عالمي، وبفضل مركز البحث والتطوير الوحيد من نوعه في العالم مدعما بميزانية تفوق 100 مليون أورو، إضافة إلى مركز بحث أقيم في الجزائر، نعتبر أن هذه المعطيات مزايا نستطيع من خلالها الاستجابة لرهانات القطاع. وخلاصة القول وللإجابة حول السؤال المتعلق بمناخ الأعمال، كما كنت أقول دوما، فإن الوقائع والأرقام المتعلقة بتطورنا خلال السنوات الأخيرة هي أفضل جواب وبالإيجاب على السؤال المطروح. أثارت عملية الإدماج بين لافارج وأوراسكوم تحفظات جزائرية هل تم تجاوز ذلك؟ ارتأيت بعد وصولي إلى الجزائر عام 2010 تحديد هوية وطموح ومسار شركات لافارج في الجزائر، وهي أنها مؤسسات مواطنة وجزائرية ملتزمة ومتقيدة بالقوانين والتشريعات وفي خدمة تنمية قطاع البناء، فضلا عن الموارد البشرية الوطنية، ويمكنني أن أؤكد بأنني راض على الطريق الذي قطعناه لتحقيق الأهداف المسطرة من قبل الشركات التي تحمل اليوم جلها اسم لافارج وتعمل جاهدة على احترام قيمنا ونحن راضون بهذا التطور وممتنون للثقة التي منحت لنا. هل تأقلمت الشركة مع قاعدة 51-49 في المائة، لاسيما بعد إقامة مشاريع شراكة مع القطاعين الخاص والعام؟ الشركاء في قلب مخططنا للتنمية، إذ نعتبرهم فرصة إستراتيجية، كما أننا أقمنا منذ سنوات شراكات مع القطاعين الخاص والعام مع كوسيدار أو المجموعة الصناعية لإسمنت الجزائر في إطار الشراكة بين الخاص والعام أو مع مقاولين خواص، ونثمّن الثقة التي منحت لنا من قبلهم، ولدينا حصص بنسب أقلية في عدد من المؤسسات، ولكن ما يهم ليس مستوى المساهمة بقدر ما يهم التسيير الذي يعتمد ضمان تحقيق الأهداف المسطرة، يضاف إلى ذلك تقاسم المعارف بصورة أكثر انسيابية وسهولة وأن يستفيد منها جميع الأطراف ولمصلحة المشاريع التي نقوم بتجسيدها معا. وهذه المقاربة مثال جيد للأثر الإيجابي هيكليا لاستثمار مجموعة لافارج في النسيج الصناعي المحلي، من خلال تقاسم المعارف في إطار هذه الشراكات، على غرار تسهيل تنمية وتطوير الصناعيين المحليين الذين يعتمدون في تنمية قدراتهم على نشاطاتنا في بداية الأمر، وعلى هذا الأساس يمكن القول أن الاستثمار يساهم في تنمية النسيج الصناعي الوطني المستقل والدائم. ما هي المكانة التي تحوزها الجزائر في استراتيجية لافارج؟ يتمثل طموح لافارج في المساهمة في ”بناء مدن أفضل” وهذا المبدأ له صدى خاص في الجزائر، حيث يستفيد من برنامج يخصص لتطوير السكن بحجم تدركونه وينتج عن نموه مستوى من المتطلبات والشروط النوعية المتزايدة وهو ما يلزم مختلف المتدخلين إلى التأقلم من خلال اللجوء إلى الإبداع. ويعكس قرار لافارج مع نهاية 2013 إقامة مخبره الرابع للبناء عبر العالم في الجزائر، مدى أهمية الجزائر في نظرنا. ونرى بأنه لدينا مسؤولية تتمثل في تقاسم المعرفة المتراكمة على المستوى الدولي وتسخيره لخدمة قطاع البناء محليا. أعلنتم من بين أهدافكم تسهيل عملية الوصول الى منتجات ذات نوعية وأسعار معقولة وتقليص هامش المضاربة، هل تحققت هذه الأهداف؟ منذ سنة 2010 باشرنا مسعى يرمي للمساهمة في توفير الإسمنت بالكميات اللازمة وبأسعارمعقولة للمستخدم النهائي، ولكن نسجل بأن هناك مفارقة بين من جهة أسعار الخروج من مصانعنا والتي تبقى متواضعة وتنافسية جدا مقارنة بدول أخرى تتمتع بنفس الإمكانيات للوصول الى الطاقة، ومن جانب آخر أسعار التجزئة التي تصبح مضاعفة مرتين أحيانا. ولقد عمدنا لتجسيد استراتيجية تسهيل الوصول الى منتجاتنا وخدماتنا إلى إقامة شبكة من الموزعين المحترفين وفتح إلى يومنا هذا عشر نقاط للبيع، كما أطلقنا نهاية 2013 العلامة الأولى للمساحة الكبرى لمواد البناء ”باتسيتور” ويرتقب أن يتم فتح 100 محل في غضون سنة 2018 لنضمن استفادة المستخدم لمنتجات ذات جودة وبأسعار معقولة طوال السنة. ما هي معالم سياسة الاستثمار التي اعتمدت في الجزائر وهل هي ظرفية أم أنها تمتد لمدى طويل؟ لقد اعتمدنا سياسة استثمار على المدى الطويل والتي تم بفضلها تخصيص 24 مليار دينار على مدى السنوات الخمس الماضية، وتهدف هذه الاستثمارات إلى تحقيق عدة أهداف، الأولى ضمان تطوير الإنتاج لتغطية نمو الحاجيات. فبخصوص الإسمنت قمنا منذ 2007 بمضاعفة إنتاجنا الذي يتجاوز حاليا 8.5 مليون طن سنويا بفضل جهود استثمارية متواصلة والتحسين الدائم لأداء ومردود مصانعنا. هذه الجهود ستتواصل مع مشروع الشراكة لمصنع ببسكرة والذي سيكون الأحدث الذي ستقوم لافارج بتسييره ويرتقب أن يتم تسليمه تدريجيا مع نهاية 2015 إلى نهاية 2016، وهو ما يسمح بزيادة قدرة الإنتاج ب 3 مليون طن، ولايقتصر الأمر على الإسمنت فحسب، بل إن الجهد يطال المهن الأخرى مثل الإسمنت المسلح والجبس، أما الهدف الثاني، فيتمثل في تطوير خطوط الإنتاج وسلسلة المنتجات وأنظمة البناء التي تستجيب للحاجيات المتنامية للأطراف المعنية بالبناء، ونحن نضع في السوق ما بين 5 إلى 10 منتجات سنويا ونعمل في إطار مشاريع شراكة على اعتماد أنظمة بناء جديدة مثل البناء الجاهز الذي يستجيب لبعض الحاجيات. وتجدر الإشارة من بين الابتكارات التي نوفرها وتشكل إضافة حقيقية في مجال البناء، إطلاق ”اجيليا” الخرسانة ذاتية الوضع أو ”ترميديا” الخرسانة القابلة للاختراق، أما الهدف الثالث، فيكمن في جعل أدوات البناء قريبة من أسواقها، وهو جوهر معنى تطوير شبكات التوزيع ”باتيستو”، إذ نحصي 10 مشاريع لمحلات يرتقب أن يقوم بافتتاحها مشتركين أعضاء. ونفس الأمر ينطبق على مشروع شبكة مركزية لتسويق الخرسانة وهي مادة لا مثيل لها من أجل إنشاء بناءات سريعة وبأسعار معقولة ودائمة، فالخرسانة مادة لا يمكن نقلها أو تخزينها وبالتالي لا يمكن أن تكون محل مضاربة. ما هي حصة حماية البيئة وتطوير الموارد البشرية في سياسة لافارج؟ لافارج الجزائر تعمل على تحقيق طموحات التنمية المستدامة 2020 للمجموعة التي يعرف الجميع مدى التزامها في هذا المجال، وتقوم فرقنا بعمل كبير لحماية البيئة والمحافظة عليها ونذكّر بالمشروع الذي يعتبر الأول من نوعه على المستوى الوطني والذي تم إنجازه في ”عكاز” والمتمثل في حرق الأدوية الفاسدة في إطار شراكة مع وزارة البيئة، ويمثل ذلك خطوة أولى باتجاه اقتصاد في مصانع الإسمنت لموارد الطاقة غير المتجددة، كما يمكن أن نذكر تقليصا معتبرا للانبعاث من مصنع مفتاح بالشراكة مع المجموعة الصناعية لإسمنت الجزائر، أما في مجال الموارد البشرية، فإننا استثمرنا بصورة معتبرة في تدعيم وتطوير فرق التأطير الوطنية بحوالي 200 توظيف لإطار خلال خمس سنوات، كما قسمنا على ثلاث عدد الإطارات الأجانب الذين يمثلون أقل من 2 في المائة من تعداد العمال، بينما ضاعفنا حجم العمليات، فضلا عن ذلك نقوم بالاستثمار في مجال التكوين، حيث نحصي أكثر من 6000 يوم في السنة الماضية في برامج متنوعة والتي تندمج ضمن برامج دولية، أما فيما يتعلق بعمليات المواطنة، فإننا قمنا بحملات لتشغيل الشباب بفضل شراكات أقيمت مع الجامعات، أو من خلال مبادرات نقوم بها تجاه مواطني المناطق التي تقام بها المشاريع. ما هي العبر التي تم استخلاصها خلال خمس سنوات من رئاستكم للافارج الجزائر؟ وصلت إلى الجزائر وأنا على يقين بأنه لا يوجد أي مبرر لكي لا تحتل الجزائر لدى لافارج المرتبة الأولى في مجال الأداء والديناميكية والابتكار والنمو، وإلا تصبح أيضا مرجعية، وهذا الجزء من الحلم تقوم بتحقيقه الفرق الجزائرية للافارج. وبالنسبة لي، فإن ذلك من قبيل الفخر والسعادة بأن أعايش ذلك، إننا نلمس حماسا ورغبة وقدرة على الفعل ، وكل ذلك يحمل على التفاؤل بإمكانية تحقيق أجمل النجاحات. هل تعتبرون أنكم حققتم الأهداف التي سطّرتموها بالنسبة للجزائر؟ ليس بإمكاني أن أحكم على العمل الذي قمت به، بالمقابل يمكنني أن أكرر تأكيدي بافتخاري وسعادتي للعمل الكبير الذي قامت به الفرق الجزائرية للافارج والذين جعلوا من لافارج الجزائر شركة نشطة وفاعلة ومبتكرة تعمل بجد وإخلاص لخدمة تنمية قطاع البناء، مع التركيز على هدف أساسي وجوهري هو بناء مدن أفضل.