“طُردوا من النافذة فعادوا من الباب الواسع”... هذا هو الهاجس الذي يراود ثوار تونس الذين أطاحوا بنظام بن علي، في سابقة تاريخية أعطت فرصة للشعوب العربية لقلب الأنظمة القائمة، تحت تسمية “الربيع العربي”، نجحت عند البعض وأجهضت عند البعض الآخر. تتهيأ تونس اليوم لموعدين انتخابيين، ينهيان المرحلة الانتقالية التي بدأت مع سقوط بن علي في 2011، انتخابات تشريعية في 26 أكتوبر ورئاسية في 23 نوفمبر. وإذا كانت ملامح التشريعية شبه معلومة، بتفوق النهضة على نداء تونس، يبقى توجه الرئاسيات غامضا، كون المرشح الأكثر حظا بالفوز (منصف المرزوقي). لذا ستبدأ المفاوضات بين “المرشح” والفائز بالتشريعيات بعد يوم 26 أكتوبر. غير أن المرزوقي يقول إنه لم “يرفض فكرة المرشح التوافقي” الذي زال مع الحلقة الانتقالية. ويواجه المرزوقي الحرس القديم الذين عادوا بقوة، ويتزعمهم الباجي قائد السبسي، زعيم نداء تونس ورئيس البرلمان في عهد بن علي، إضافة إلى أربعة وزراء سابقين في حكومة بن علي، هم عبد الرحمن الزواري وزير نقل سابق، ومنذر الزنايدي وزير الصحة، وكمال مرجان وزير خارجية سابق، من أصل 27 مرشحا قبلت ملفاتهم، وفق نتائج اللجنة المشرفة على عملية الاقتراع. وقد لا تنتهي متاعب المرزوقي هنا، فسوف يواجه كذلك نجيب الشابي، زعيم الحزب الجمهوري، ومصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي، وحمة الهمامي، زعيم الجبهة الشعبية، والهاشمي الحامدي، زعيم تيار المحبة وصاحب قناة “المستقلة” بلندن، وعبد الرؤوف العبادي، منشق من حزب المرزوقي والذي شكل كتلة برلمانية ضده. وتمكن الحرس القديم من خلق سابقة، في قدرته على التزوير على الحاكم. حيث أعلن مسؤولون تونسيون أن النيابة العامة تنظر في “شبهات تزوير ضد مرشحين للانتخابات الرئاسية”. وقالت الهيئة التي تشرف على الانتخابات إن الشبهات “تتعلق بضم ملفات مترشحين بتزكيات وهمية لمواطنين”. فيما يشترط على كل مرشح للانتخابات جمع 10 آلاف توقيع. وكشفت صحيفة تونسية أن شركة خاصة قامت بوضع شبكة تزوير للتزكيات الخاصة بالترشح. من جهة أخرى، تشهد الساحة الإعلامية “تضييقا”، بعد صدور قرار من الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بمنع قنوات تلفزيونية خاصة من البث، مثل قناة “التونسية” التي “تحتل نسبة مشاهدة” ويترشح صاحبها سليم الرياحي للرئاسيات، أو “الجنوبية”، ملك للعياشي العجوبي الذي يترشح هو الآخر، إضافة إلى “نسمة” و”حنبعل” وقنوات إذاعية.