استقبلت وزارة الدفاع الوطني، الأسبوع الماضي، وفدا ممثلا لعدد من أهم الشركات البريطانية المتخصصة في صناعة العتاد العسكري، من بينها المجموعة المتخصصة في عتاد الطيران ”بي أي سيستم”. وقالت مصادر مطلعة ل«الخبر”، إن الوفد البريطاني قدم عروضا مختصرة حول إمكانية التعاون والشراكة في الجزائر على شاكلة الشركات الألمانية. وجاءت الزيارة، التي قام بها الوفد البريطاني، في وقت تعتمد الجزائر مقاربة جديدة في مجال الإستراتيجية الدفاعية، التي تتضمن ربط عقود التجهيز بالشراكة المحلية، من خلال دفاتر شروط تلزم المصنعين بإنشاء مشاريع مشتركة لتركيب جزء من الصفقات الكبيرة محليا. علما أن ميزانية الدفاع إجمالا تفوق 10 ملايير دولار، وهو ما تعتبره الشركات المتخصصة كإحدى أهم الميزانيات المعتمدة في المنطقة، حيث سبق لمعهد الدفاع البريطاني ”أي أش أس جاينز أتيروسبايس” للدفاع والأمن، أن أشار في تقرير خاص أن الجزائر أنفقت 10,8 مليار دولار في اقتناء العتاد والتجهيزات العسكرية عام 2013، ما يضعها في المرتبة العشرين عالميا. وقامت الشركات البريطانية ”بي أي سيستم” و«تاليس” فرع بريطانيا و«ساب”، بعروض قصيرة لدى استقبالها في وزارة الدفاع، في توجه جديد ينم عن اهتمام البريطانيين بالتعاون في مجال الدفاع، خاصة بعد استفادة شركات بريطانية من صفقات في تجهيز البحرية الجزائرية بالخصوص بسفن ”كورفت” وزوارق جر وطائرات من طراز ”أوغوستا ويستلاند”. علما أن شركة ”بي أي سيتسم”، التي حضر مسؤولوها لقاء الجزائر، كانت من بين أربع شركات دولية التي تنافست على إحدى أهم الصفقات لتجهيز البحرية الجزائرية بفرقاطات، مع فينميكانيكا الإيطالية ومديرية الصناعة البحرية الفرنسية و«تيسن كروب” الألمانية، ولا تزال الصفقة قائمة إلى الآن ولم تحسم بعد. وتلعب ”بي أي سيستم” دورا هاما في إنتاج الطائرات العسكرية، منها ”أوروفايتر”، خاصة ”تيفون” و”تورنايدو”، كما تنتج دبابات ”شالانجر 3”. بالمقابل، فإن مجموعة ”تاليس”، فرع بريطانيا، متخصصة في الأنظمة الإلكترونية وأنظمة الرادارات ومراقبة الطيران والبحرية، فيما تتخصص مجموعة ”ساب”، وهي أصلا سويدية، في مختلف المجالات المتصلة بالطيران والبحرية وأنظمة الصواريخ، والشركة عضو في مجلس الأعمال الجزائري البريطاني الذي تترأسه أولغا مايتلاند، وقد زودت ”ساب” الجزائر بصواريخ أرض - بحر ”أر بي أس 15 مارك 3”، وهي الصواريخ التي جهزت بها الفرقاطات الألمانية ”ميكو أ 200”. وتمحور اللقاء حول إمكانية تجسيد شراكات على النموذج الألماني، واستفادة الجزائر من قاعدة صناعية محلية في سياق تعاون وشراكة إستراتيجية، يراد من خلالها تجاوز المقاربة التجارية التقليدية، خاصة أن الجزائر ترغب في تنويع مصادر تموينها بالعتاد والتجهيزات الدفاعية، موازاة مع الانتقال إلى احترافية الجيش، والانتقال إلى مرحلة جديدة بعد تجسيد مشاريع مع الألمان، والذي برز مع تركيب شاحنات ”مرسيدس بانز” في وحدة الرويبة، وتصنيع أنظمة إلكترونية، من خلال الشركة المختلطة الجزائرية الألمانية بسيدي بلعباس على موقع المؤسسة الوطنية للصناعة الإلكترونية، منها أنظمة رادار للرصد البري وأجهزة اتصال وكاميرات رؤية ليلية مجهزة بأنظمة خاصة بالأشعة تحت الحمراء وأنظمة قياس ليزر. وتم إنشاء هذه الشراكة مع مجمع ألماني يضم شركات ”كاسيديان” و«روهد” و«شفارتز” و«كارل زيس” والتي تمتد لثلاثين سنة. علما أن المؤسسة العسكرية قامت، في 2012، بتحويل مصانعها إلى مؤسسات عمومية ذات طابع صناعي وتجاري، وتشرف عليها مديرية التصنيع العسكري، موازاة مع إنشاء مؤسسات مختلطة لإرساء صناعة عسكرية على المديين المتوسط والبعيد، وتم إطلاق مشاريع مثل تركيب السيارات الخاصة عبر شركة ”راينميتال الجزائر” مجهزة بمحركات ”دايملر مرسيدس” و«دوتز” و«أم تي يو” بمصنع وادي حميمين بقسنطينة، فضلا عن مشروع ”نمر الجزائر” ومشروع السيارات رباعية الدفع ”مرسيدس” بمصنع تيارت، وهي المقاربة نفسها التي يراد تجسيدها مع البريطانيين أيضا. وفي الوقت الذي عرض البريطانيون معارفهم على نظرائهم الجزائريين، تظل فرنسا متأخرة مقارنة بنظرائها الإنجليز في هذا المجال، وهو ما يفسر ابتعاد الجزائر عن اقتناء تجهيزات فرنسية، مع تحفظ باريس عن الانخراط في المقاربة الجزائرية الجديدة التي تتضمن تصنيعا جزئيا محليا وشراكة مدمجة، لا يجعل من الجزائر سوقا مربحا لشركات بيع العتاد العسكري فحسب.