حذرت الأحزاب السياسية في الجزائر من التداعيات الوخيمة للانهيار المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للجزائر، واعتبرت أن تهرب الحكومة من مواجهة هذه التداعيات، واستنادها إلى الريع النفطي لشراء السلم الاجتماعي سيزيد من حجم هذه التأثيرات، ويستدعي مناخ الأزمة الاقتصادية الحادة التي هزت البلاد عام 1986 والتي ترتب عنها انفجار اجتماعي حاد. اعتبرت حركة النهضة أن تراجع أسعار النفط مؤشر إضافي يزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي، بسبب الاتكال التام للسلطة على الريع النفطي في شراء السلم الاجتماعي، والفشل في إنعاش الاقتصاد الوطني. وقال المتحدث باسم الحركة، محمد حديبي، ل«الخبر”، إن “انهيار أسعار النفط قد يؤدي إلى تعطل المشاريع الإستراتيجية للبنية التحتية والمشاريع التنموية التي تم فعليا توقيفها تدريجيا منذ سنة 2013، خاصة وأن السلطة ربطت ميزانية التسيير بمداخيل الجباية البترولية، وهو ما يؤثر سلبا على ميزانية تسير الدولة والأجور والحياة اليومية العادية، وينذر بانفجار اجتماعي يفوق في خطورته تداعيات أزمة عام 1986 النفطية. ورأت الحركة في بيان لها أن “الوضع المتردي الذي وصلت إليه البلاد والانزلاقات التي حدثت هي مسار طبيعي لنظام فاقد للشرعية، أوصل مؤسسات الدولة إلى مرحلة العجز والشلل، رغم ما تتوفر عليه الجزائر من إمكانات مادية وبشرية. من جانبه، أكد رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، أن المخاوف من تأثيرات تراجع أسعار النفط لا تتصل فقط بارتفاع أسعار المواد الغذائية وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، لكنها ترتبط بأزمة التسيير الفاشل وسياسات الريع النفطي وشراء السلم الاجتماعي التي تنتهجها السلطة، على الرغم من أن موازنة الدولة مبنية على سعر نفط أدنى من السعر الحالي في السوق، مشيرا إلى أن ذلك قد يرهن أيضا الاستقلالية السياسية للبلاد ومستقبل الأجيال المقبلة، خاصة مع حالة الابتزاز المتزايد لأوروبا وأمريكا إزاء المقدرات النفطية والمالية للجزائر. وقال المتحدث باسم حركة مجتمع السلم، فاروق طيفور، إن الحركة سبق أن حذرت من التحالف الراهن بين المؤشرات الاقتصادية وتراجع أسعار النفط، مع التوترات الاجتماعية في مناخ الفشل السياسي والفساد في الجزائر. وقال فاروق طيفور ل«الخبر” إن تقديرات وزارة المالية وتقرير بنك الجزائر يؤكد أن التوازنات المالية للجزائر تستدعي بقاء سعر النفط في حدود 120 دولار للبرميل الواحد، وهو سعر بعيد جدا عن السعر الحالي للبرميل، مشيرا إلى أن هذه المؤشرات قد تدفع الجزائر إلى حالة عجز عن الدفع، شبيهة بأزمة عام 1986. ويرهن رئيس حزب “جيل جديد”، جيلالي سفيان، اجتياز الجزائر المأزق الاجتماعي والاقتصادي المتسم بتراجع أسعار النفط وتصاعد الاحتقان في عدة قطاعات، بتراجع السلطة عن سياسات شراء السلم الاجتماعي، ومواجهة الحقائق التي تكشف عن فشل ذريع في إنعاش الاقتصاد وتطوير البنية التحتية، والخروج من اقتصاد النفط إلى اقتصاد منتج. اللافت أن الأحزاب السياسية وجدت في انهيار أسعار النفط دليلا آخر لإدانة السلطة وسياساتها في إدارة الشأن العام، لكن الثابت أن الهزة النفطية المستجدة لن تكون تأثيراتها أقل حدة من الأزمات السابقة، خاصة مع هشاشة البنية التحتية للاقتصاد الجزائري واستناده الكامل على عائدات النفط.