بعد أكثر من نصف قرن من تسليط واشنطن على هافانا حظرا تجاريا، تتشكل في الأفق ملامح عهد جديد بين البلدين، تجلّت تباشيره في تقارب تدريجي بدأ بمصافحة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لرئيس البلد “العدو اللدود” راوول كاسترو، خلال حفل تأبين نيلسون مانديلا، ووصل إلى إعلانه أول أمس عن جملة إجراءات لتخفيف الحظر التجاري على كوبا وتسهيل السفر إليها، وانتهى إلى إطلاق سراح أشخاص ملاحقين بتهم الجوسسة من الجانبين. وتولد عداء الرئيس السابق فيدال كاسترو للولايات المتحدة، حين أعطى الرئيس الأمريكي، آنذاك جون كينيدي، أوامر بإنزال عسكري في خليج الخنازير سنة 1996، بمعية 1500 كوبي منفي في أمريكا بنية قلب النظام الكوبي، لكن العملية باءت بالفشل، ليرد كاسترو على ذلك بإعلان تحالفه مع الاتحاد السوفياتي والسماح له بنصب صواريخ حاملة لرؤوس نووية على الجزيرة ذاتها التي لا تبعد سوى كيلومترات عن مدينة فلوريدا الأمريكة، في خطوة اشتدت على إثرها سخونة الحرب الباردة، خاصة بعدما هددت أمريكا برد عنيف عليها، ما وضع العالم على حافة حرب عالمية ثالثة بين القطبين. وقد ينتهي زمن توتر العلاقات الكوبية الأمريكية الذي دام لعقود، مع بداية ذوبان الجليد بدفء قرارات الإفراج عن مساجين مُتهمين بالجوسسة من الجانبين، وإعلان الرئيس الأمريكين، باراك أوباما، عن نية بلاده استقبال الرئيس الكوبي راؤول كاسترو شقيق فيدال، غير مستبعد زيارته للبلاد التي ظلت وفية للشيوعية، وكذا اعتزامه فتح السفارة الأمريكية بالعاصمة الكوبية هافانا. ورحبت الأسرة الدولية في آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا بالمبادرة، معتبرة إياها نهاية الحرب الباردة، وواصفة القرار ب«التاريخي والشجاع”. وأبدت الصين ارتياحها بخصوص “تطبيع” العلاقات بين واشنطن وآخر الأنظمة الشيوعية، ودعت الولاياتالمتحدة إلى رفع الحظر “بأسرع وقت”، فيما أشاد خليفة هوغو شافيز في رئاسة فنزويلا، أكثر البلدان انتقادا لواشنطن، بالمبادرة واعتبرها “عملية تصحيح تاريخية وضرورية” و«انتصارا لمبادئ فيدال كاسترو”.