لم يكن غريبا أن يبلغ عبد المالك سلال الجزائريين بأنهم مقبلون على تحمل ظروف صعبة بسبب تقلص احتياطي الصرف يوما بعد يوم، وإنما الغريب ألا تعترف الحكومة بفشلها في حل أزمة انهيار سعر النفط ولا ينسحب المسؤولون من مناصبهم ووظائفهم، ليتركوها لغيرهم ممن يملكون القدرة والكفاءة على تفادي وضع كارثي كالذي عاشته الجزائر بعد الأزمة النفطية في 1986. كل خبراء الاقتصاد والمالية، وغالبية المشتغلين بالسياسة من غير الموالين للسلطة، حذروا منذ سنوات من نمط المعيشة الذي لا يتناسب مع الوضعية الاقتصادية للبلاد. فالسلطة تنفق بلا حساب ومظاهر البذخ والتبذير بادية وبعيدة عن أية رقابة، والخطاب الشعبوي الداعي إلى “ترشيد النفقات” يسوق للتغطية على هذه الحقيقة: النظام كي يضمن ديمومته مضطر لشراء السلم الاجتماعي بفضل أموال الريع النفطي. فقد أنفقت السلطة 800 مليار دولار في 15 سنة، كي تستفيق متأخرة أن الريع النفطي في الجزائر ينطبق عليه المثل “ما يقعد في الواد غير حجارو”.