أثبت القرآن الكريم لامرأة العزيز مراودتها ليوسف عليه الصّلاة والسّلام. قال الله تعالى: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}. لكن، هل همَّ يوسف بها كما همّت به، بعض المفسّرين نسب الهمَّ ليوسف عليه السّلام بامرأة العزيز، وذهب إلى أنّ همّه كان همّ الفاحشة، ومعلوم أنّ الأنبياء معصومون عن الخطأ. ومنهم مَن نفى عن يوسف همَّ الفاحشة، واعتبره همَّ الضّرب، أي همَّ بضربها ورفع يده عليها، ولكنّه لم يضربها لأنّه رأى برهان ربّه، وهو شعوره بالخَجل من ضربها، لأنّه لا يَليق برجل أن يضرب امرأة، فكيف إذا كانت سيّدته ! ولكن تركيب الآية بوحي بأنّه لم يهمَّ بها، وينفي عنه الهمَّ، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ * وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} فحرف (الواو) هنا استئنافية وليست عاطفة، ويجب الوقوف على الضمير في (به). ثمّ يستأنف القارئ: {وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ}، وجملة (هَمَّ بها) جواب الشّرط، لحرف الشّرط (لولا) مقدَّم عليها، فتصبح الجملة هكذا: (لولا أن رأى برهان ربّه لَهَمَّ بها). ومعلوم أنّ (لولا) حرف امتناع لوجود، فيمتنع تحقّق جواب الشّرط وهو (همَّ بها) لوجود فعل الشّرط وهو (أن رأى برهان ربّه). وبرهان ربّه عزّ وجلّ هو: إيمانه القويّ بالله تعالى، وشعوره بمراقبته، وحرصه على عدم مخالفته، واجتنابه المعاصي والذّنوب.