تحظى مناسبات الأفراح والخطوبة في الجزائر، باهتمام كبير، على غرار البلدان العربية الأخرى، حيث تتنافس العائلات للإعداد لهذا الحدث، وتبذل ما استطاعت من جهد وتنفق ما ادخرت من مال، من أجل الظهور بمستوى لائق يتفاخرون به أمام العائلات والأصحاب. ونحن نتجول في شوارع العاصمة، تراءى لنا على واجهات محلاتها، مختلف أنواع التصميمات لأزياء عصرية، فتجد مثلا الساري الهندي، والقفطان المغربي واللباس التركي والزي ذي الطرز الإفريقي، تطغى على الأزياء التقليدية الجزائرية، وتحظى بإقبال شديد من طرف العروس الجزائرية، رغم جنون أسعارها، مع هذا تجدهن يتسابقن لاقتنائها. لمحنا أمينة وهي منهمكة في اختيار لون الساري الهندي، اقتربنا منها وسألناها عن سبب اختيارها لهذا الزي، فأجابتنا: ”لا يهم”، تواصل: ”عشقي لهذا الزي بدأ منذ كنت صغيرة، وكبر إعجابي له بكثرة مشاهداتي للأفلام البوليوودية، التي تذهلنا بكل ما هو جديد في عالم الأزياء، ومنذ ذلك الوقت قررت أن يتصدر الزي الهندي ملابسي التقليدية في عرسي مهما بلغ ثمنه”. أمال كانت غارقة في اختيار القفطان المغربي، واحتارت أكثر بتعدد ألوانه، وتنوّع نسيج أقمشته، وبالرغم من أن أغلى قطعة تقدّر من 4 إلى 12 مليون سنتيم، إلا أننا لم نلمح ترددا في عزيمة شرائها، سألناها إن كان ثمنه لا يعتبر مشكلة بالنسبة لها، أجابتنا أمال: ”حتى وإن كان غاليا، إنه يوم في العمر ولن يتكرر، وعليّ أن أظهر في غاية الجمال، قالت مردفة: ”موضة هذه الأيام أن تكون ”التصديرة”، فيها أزياء هندية، مغربية وتركية إن لم أشتريها سأكون محط سخرية صديقاتي وسينتقصن من قيمتي. السيدة مليكة ساهمت في حديثنا قائلة: ”أنا اعمل خياطة، تأتي العرائس كل يوم لأخيط جهازها، يكون الطلب على القفطان المغربي كبيرا، ناهيك عن اللباس التركي الذي أصبح ضروريا في ليلة الحناء، مع أنني أنصحهن دائما، بصفتي خياطة، أنه لا معنى من ارتداء أزياء بتلك المبالغ فيها، تواصل: ”أنصحهن دائما أن تطبعن في أعراسهن، الأزياء التقليدية الجزائرية الثرية والمتنوعة، فضلا عن أن أسعارها لا تضاهي أسعار الأزياء الوافدة، إلا أنهن يقحمنها ضمن ”التصديرة”، تواصل حديثها: ”تخيّلي أن هناك تطريز جديد دخل السوق الجزائرية مع دخول الأفارقة يدعى ”الطرز الإفريقي” يتراوح سعره حوالي 12 مليون سنتيم، لا يمكن لأي أحد أن يقوم بتطريزه، إلا الأفارقة بواسطة آلة يجلبونها من إفريقيا، تخيّلي أنهن يلجأن للاستدانة لاقتناء الثوب الإفريقي المطرز، فقط للظهور بمظهر مختلف ومتميز عن الأخريات. وسط الإجماع الرهيب بين آراء الفتيات، اللائي ملأن المحلات والمتاجر، كان رأي دينا ذات 24 ربيعا مختلفا تماما، حيث قالت: ”في الواقع أنا لست مخطوبة ولم أحضر هنا لأشتري جهاز عرسي، ولكنني عندما ألاحظ الإقبال اللاعقلاني لاقتناء أزياء تقليدية لدول أخرى بأسعار مرتفعة استغرب كثيرا، خصوصا أن الجزائر لا تفتقر لهذا الموروث، بل تعتبر من أكثر البلدان التي تزخر بتنوع الألبسة التقليدية، لذلك استغرب الزحف الجنوني وراء هذه الأزياء”. من جهة أخرى، تعتبر الكثير من السيدات، أن السبب وراء غزو الأزياء العالمية، أو متعددة الهوية للأعراس الجزائرية، يعود إلى الإعلام والمسلسلات و الأفلام، التي أصبح العصب النابض لكثير من الدول، للترويج عن ثقافتها وأزيائها، اخترقت يوميات المجتمع الجزائري ونافست أزياءه التقليدية.