وافق الوزير الأول على طلب تقدمت به منظمة أرباب العمل في اجتماع الثلاثية ببسكرة، ويقضي الطلب بعقد لقاء آخر لأطراف الثلاثية “قريبا”، وتطرح تساؤلات حول جدوى التئام الشركاء الثلاثة مجددا طالما أنهم التقوا الأربعاء، بينما توحي أصداء من داخل اجتماع بسكرة بعدم رضا الباترونا إزاء ما تمت مناقشته وما قدم، والواقع أنه تم في الاجتماع الأخير “عرض حال” بالنسبة للاقتصاد الوطني دونما اتخاذ قرارات. قال أمس مصدر من الباترونا حضر اجتماع الثلاثية ببسكرة يوم الأربعاء ل “الخبر”، إن بوعلام مراكشي طلب من عبد المالك سلال الموافقة على عقد اجتماع للثلاثية “قريبا”، وقد وافق الوزير الأول على الطلب، على أن يلتقي أطراف الثلاثية قريبا دونما تحديد المكان والزمان. وإن كانت منظمات أرباب العمل طلبت لقاء ثلاثية “مكتمل الأركان”، أي يُبتغى منه فتح جميع الملفات ذات الصلة بالاقتصاد الوطني من حيث الاستثمار والعقار والجبهة الاجتماعية وسياسة الدعم والعقد الاقتصادي والاجتماعي للنمو، إلا أن إعلان الوزير الأول عن هذا الاجتماع خلال الثلاثية الأخيرة كان بصيغة اللقاء التقييمي. ويضغط أرباب العمل على الحكومة من أجل افتكاك مزايا إضافية باغتنام فرصة انهيار أسعار النفط، بينما كان علي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات أقر صراحة بأن أزمة البترول “نافعة”، لأنها حسبه “جعلت الحكومة تسمعنا”. وإن كان طلب كهذا يبدو غريبا كونه قُدِّم واجتماع الثلاثية ببسكرة مازال جاريا، إلا أن ما دار من نقاشات وما أفضت إليه التوصيات “العابرة” يؤشر على أن لقاء بسكرة كان “شكليا”، فلأول مرة لم يخرج اجتماع ثلاثية (رقم 18) بقرارات، حتى وإن كانت القرارات المنبثقة عن الاجتماعات السابقة لم تطبق في مجملها، أو خضع تطبيقها لمنطق انتقائي وبرمجة زمنية على المدى المتوسط والطويل. من البداية لم يكن منتظرا من اجتماع الثلاثية ببسكرة الشيء الكثير، ولم يسبق الاجتماع ترويج رسمي مثلما كان عليه الحال في السابق، بينما اكتفى الأطراف الثلاثة بعرض حال الاقتصاد الوطني في تفاصيل يعرفها الجزائريون، وظلت محل تعاطي على لسان المسؤولين، لكن اللافت أن عبد المالك سلال، حتى وإن شارك في عرض الوضع المشبع بمخاوف من تداعيات أكبر لأزمة انهيار أسعار النفط، فإنه سعى إلى تخفيف حدتها في الخطاب الذي وجهه للمعارضة “المتشائمة” حسب تعبيره. لكن في هذه الجزئية، تشير مصادر إلى أن الأطراف الثلاثة تحاشت الخوض في عمق الأزمة، بتقديم الأرقام والإفصاح بوضوح انعكاسات الوضع على الجزائريين، بسبب حضور ممثل المكتب الدولي للعمل، فتفادى المشاركون نشر الغسيل أمام حضور أجنبي، وكبح هذا العامل العديد من التدخلات “الساخنة”، وجعل المتدخلين يعرضون الحال على نحو سطحي، بينما المعلومة الوحيدة التي أثارت انتباه الإعلاميين خاصة قول الوزير الأول إن الصندوق الوطني للتقاعد كان على حافة الإفلاس، وإنه تدخل شخصيا لإنقاذه باقتطاع 9 ملايير دينار من الصندوق الوطني لغير الأجراء. ولو أن هذا التفصيل يبدو أن البوح به جاء عارضا، فإنه تفصيل مهم في قياس حجم الأزمة. وينطوي طلب الباترونا عقد لقاء ثلاثية آخر قريبا على عدم رضا هذا الطرف إزاء مسار ثلاثية بسكرة والتوصيات التي خرجت بها، وهي توصيات سبق للوزير الأول نفسه أن قدمها خلال لقائه بالولاة شهر أوت المنصرم، كما وردت في دعوات متكررة للمتدخلين الاقتصاديين والخبراء والسياسيين منذ بدء هواجس أزمة تهاوي أسعار البترول، على غرار حل مشكل العقار الصناعي والاهتمام بالفلاحة والسياحة في إطار الاقتصاد البديل عن النفط.