كشفت، أول أمس، الدكتورة غرارمي وهيبة، المكلفة بالدروس بجامعة الجزائر، ضعف أداء المكتبات المدرسية الجزائرية خاصة على المستوى الابتدائي، مقدمة إحصائيات مخيفة عن واقع المقروئية بالجزائر وتراجع الاهتمام بالكتاب. وقفت الدكتوراة غرارمي، أول أمس، خلال مداخلتها في الندوة التي احتضنتها المكتبة الوطنية ”الحامة” تحت عنوان ”المقروئية وكتاب الطفل”، عند تصنيف المنظمات العالمية للجزائر بالدولة ”الأمية”، منها منظمة اليونسكو واتحاد ”إيليفلا” العالمي للمكتبات ومعطيات الإتحاد العربي. وقالت الدكتورة غرارمي في محاضرة حول موضوع ”دور المكتبة المدرسية الجزائرية في غرس عادة القراءة عند الطفل”، إن المعطيات التي عادت بها دراسة قدمتها فرقة بحث ميدانية عن واقع المكتبات في الأطوار التعليمية الثلاثة، يمثل نسبة 25 بالمائة فقط في الابتدائي، و75 بالمائة منها في المتوسط، و98 بالمائة في الثانوي، في حين يجب أن يحظى الطور الابتدائي، حسب المتدخلة، بحصة الأسد لأنه الطور الذي يربى فيه الطفل على فطرة حب القراءة والمطالعة، إضافة إلى أن أغلب هذه المكتبات تعرف عجزا من مختلف النواحي، منها عجز ب 32 بالمائة من المكتتبين، وغياب المساعدين المكتبيين وغياب التكوين المستمر، كما أن تصميم مباني المكتبات ومكان بنائها يفتقر للدراسة العلمية الميدانية ومشاكل أخرى لا تعدّ ولا تحصى تضيف الدكتورة غرارمي، هذا ما يجعل الأداء والمكتسب المعرفي لدى الطفل والقارئ ضعيف ويدعو للحيرة والقلق، موضحة أن نسبة 0.7 بالمائة فقط من ميزانية العائلة الجزائرية تصرف في سبيل قراءة الطفل، وهو رقم ضئيل جدا ولا يمكن أن يأتي بنتيجة مرضية. ومن جهته، عاد وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، خلال الكلمة الافتتاحية إلى واقع القراءة والمقروئية لدى الطفل العربي عامة والجزائري خاصة، قائلا ”إننا نعيش على هامش المعرفة في العالم، وتحولنا إلى أمة عاجزة لإيجاد منهج جديد لاقتناء المعرفة ”. وحثّ ميهوبي على ضرورة تحرير الطفل من أسر الكتاب المدرسي والبحث عن مخطط لاستعادة المبادرة وجعل الكتاب أولوية في حياة الطفل. يرى ميهوبي، أن جاذبية الكتاب تجنّب الطفل الانزواء وراء حب وتتبع أشياء أخرى قد تكون نتائجها وخيمة مستقبلا، وأكد على ضرورة تربية الطفل على حب الكتاب والمطالعة منذ الصغر، لأنه السبب في تقدم الأمم والحضارات، فلا يمكن تربية جيل متعلم ومثقف دون ربط علاقة وطيدة بين الطفل والكتاب، كما تفاءل وزير الثقافة بعدد الناشرين المقدر ب 1200 ناشر على المستوى الوطني، وطبع 7000 عنوان منذ سنة 2003 معتبرا الأرقام مؤشرا يدعو للتفاؤل إذا اتحدت العزائم على رفع التحدي والنهوض بالقراءة والمطالعة. ودعا ميهوبي إلى وجوب تقديم بطاقات مجانية لكل المتمدرسين على المستوى الوطني، وتمكينهم من دخول المكتبات وتحفيزهم على المطالعة وخلق بيئة وفضاء خاص بالطفل غير فضاء المدرسة والمنزل، والبحث عن ميول الطفل ومجالات قراءته، والعمل على توفير الكتاب على نطاق أوسع، وبالتالي القضاء على مقولة ”الجزائري جاهل ولا يقرأ”. وعرفت الندوة تقديم نماذج عن مكتبات وطنية عرفت نجاحا، منها المكتبة المركزية للشباب والقراءة لولاية تيبازة، حيث قالت مديرتها، سعدية صباح، إنها مكتبة عمومية تأسست في 2009 وافتتحت في 2012، توفّر للطفل جو الخروج من النطاق الأكاديمي للمدرسة بتوفير مختلف الكتب، وصل عدد قاصديها من القراء 744 سنة 2015 وتوفّر حوالي 8348 عنوان، كما كانت هناك وقفة لمكتبة ”كان يا مكان”، وهي مكتبة قصر الثقافة مفدي زكريا أول مكتبة تجريبية في الجزائر تأسست في 1997 وخصصت للأطفال ما بين 6 إلى 15 سنة، تحتوي على رصيد يقدّر بحوالي 3792 عنوان بالعربية و4403 بالفرنسية وعدة دوريات معتبرة، وحظيت المكتبة الوطنية الجزائرية ”الحامة” بتقديم وفير وهي التي تمثل متنفسا لعديد الطلبة من مختلف المستويات، فيها فضاء للأطفال وفضاء آخر للمكفوفين، ووصل عدد المنخرطين بها 16627 سنة 2015، وبالرغم من الإمكانيات المتوفرة بها، قال محمد ثلجي، الذي يشغل منصب وثائقي بمصلحة المطالعة العمومية، إنها لا تزال بعيدة عن تحقيق قدراتها التي تأسست لأجلها لافتقارها لعديد الأشياء، منها البرمجة والكاشفات المغناطيسية وضعف سياسة الترويج والاستقطاب.