انطلقت، مساء أول أمس، بتيميمون في ولاية أدرار، فعاليات المهرجان الوطني الثقافي لأهليل وسط حضور جماهيري كبير، خاصة من السياح الأجانب الذين توافدوا منذ نهاية السنة الماضية على الواحة الحمراء للاحتفال بحلول السنة الميلادية الجديدة 2016. ما ميز الطبعة التاسعة للمهرجان الوطني الثقافي “أهليل”، هو التنظيم المحكم وارتفاع عدد المشاركين الذين جاؤوا من مختلف بلديات الولاية وغابت عنه وزارة الثقافة. وقد استمتع الحضور، على مدار أربع ساعات كاملة، برقصات الفرق المشاركة، تتقدمها فرقة “أهليل” الشهيرة. تحولت ساحة أول نوفمبر بالواحة الحمراء تيميمون إلى فضاء للرقص والأغاني الفلكلورية التي نشطتها مختلف الفرق الفلكلورية القادمة من بلديات الولاية خاصة الشمالية منها مثل فرقة أنوانتمڤريوت لحماية التراث التي أدهشت الحضور وخاصة الضيوف برقصات وإيقاعات متميزة وقراءات شعرية من الشعر الملحون، وكذا فرقة “أثران لفن أهليل”، وفرقة “براعم شروين لفن أهليل”، تلتها فرقة “تيڤورارين”. وامتزجت ألحان أهليل بطلقات فرقة “بارود زناتة” التي جاءت لمشاركة سكان تيميمون عيدهم السنوي الذي تتذكر فيه المدينة هذا الفن مرة كل سنة. وقد شاركت في إحياء هذه التظاهرة السنوية أكثر من 25 فرقة، منها 18 فرقة تعزف كلها على وتر الأصالة وتنشد ألحان أهليل الضاربة في عمق الواحة الحمراء، كما عرف المهرجان للمرة الثانية مشاركة ثلاث فرق نسوية. تجدر الإشارة إلى أن كل هذه الفرق، حسب محافظ المهرجان، تتنافس على افتكاك إحدى المراتب الأولى والجوائز المالية القيمة التي خصصها المنظمون للفائزين، مع العلم أنه تم تشكيل لجنة تحكيم تأخذ في تقييمها للمشاركين طريقة العزف والتحكم في الأداء، على غرار فرقة “قرقابو” التي تشارك لأول مرة في هذه التظاهرة وكذا فرقة “الحضرة”. ويروي العارفون بفن أهليل وما يحكى في المناسبة أن “أهليل” يدل على مجموعة من الإيقاعات الخاصة تشتهر بها ناحية “ڤورارة” بولاية أدرار، وهي تقام بطريقة احتفالية خارقة مهيبة المظهر تؤدى في أماكن عمومية، ولكن تحت جنح الظلام ولا وجود فيه للضوء، بالأخص في الأعراس والمناسبات الدينية التي تشتهر بها المنطقة، كأسبوع المولد النبوي الشريف. ومن الطقوس التي تحكى في المهرجان أن “أهليل” هي من أصول كلمة عربية (أهل الليل)، لأن هذا النوع أصلا لا يؤدى إلا في الليل، وهناك من يرى أن النص مشتق من كلمة الهلال. وقد يكون هذا التراث الشفهي ضاربا في الأجيال، حيث تناقلته جيلا بعد جيل منذ عهود سابقة وكان سببا في دخول الإسلام إلى المنطقة، غير أن أهليل، حسب الشيوخ العارفين بتاريخ المنطقة، يؤدى في غالب الأحيان من طرف الرجال فقط، بيد أن ذلك لم يكن حاله على الدوام فيما سبق إذ أنه تم الاستعانة ببعض النسوة، وهو ما يعرف بالمنشدات أو القوالات الذائعات الصيت مثل المرحومة (دادا حسه) التي تركت بصمتها إلى اليوم في هذا الفن. ولا يمكن لفن “أهليل” أن ينشد دون آلة الناي، والدور الأساسي في الإيقاع هو الذي يضبط النغم ويلقن للمغنين المقطوعات الشعرية الغنائية حسب ترتيبها، على أن يكون الكل متكاتفا في صف واحد ومتراصين يعيدون في صوت واحد ويرددون بالضرب بأيديهم بطريقة منتظمة. ثم إن وجه المتعة لأهليل هي تلك الحلقة الدائرية التي يزيد تعداد أفرادها عن المائة شخص، بصورة متكاملة في الجمال والهدوء التام. بقي أن نشير إلى أن موسيقى “أهليل” تعدّ لونا موسيقيا معترفا به عالميا، حيث صنفته منظمة اليونسكو سنة (2005) كواحد من ضمن ال(43) نوعا من الفنون الشفوية الملموسة الجديدة التي أعلنت عنها منظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم.