أكد رئيس البرلمان الإفريقي المنتخب على رأس الهيئة الإفريقية منذ سنة 2015، على أهمية تحويل الهيئة الاستشارية الإفريقية وتوسيع صلاحياتها لتتحول إلى برلمان فعلي بمهام تشريعية، معتبرا أن الجزائر التي تعد من بين الدول العشر الإفريقية التي وقعت على بروتوكول مالابو، قادرة على لعب دور محرك في التأثير وإقناع العديد من البلدان لاسيما دول شمال إفريقيا للانضمام إلى مسعى تكريس عهد إفريقي جديد، يتسم باعتماد هيئات ومؤسسات إفريقية منها برلمان بمهام تشريعي. وأشار نفس المسؤول في حوار مع “الخبر” إلى أن 10 دول لحد الآن وقعت على اتفاق مالابو المؤطر لعملية تحويل مهام البرلمان الإفريقي وأن هناك حاجة لمصادقة 28 دولة لتأكيد المسار. أما بخصوص قضية الصحراء الغربية، فقد أكد المسؤول الإفريقي على تطابق موقف البرلمان مع ذلك الذي تبناه الاتحاد الإفريقي، والذي يؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وتنظيم استفتاء، داعيا إلى ضرورة مراعاة واحترام حقوق الإنسان في المناطق الصحراوية، وإجراء حوار مباشر بين الطرفين المعنيين بالنزاع. كيف تقيِّمون جلسات البرلمان الإفريقي في دورته الأخيرة؟ وهل حققتم الأهداف المسطرة؟ هذا سؤال هام، وكما لاحظت مع حضورك للجلسات، فإننا تناقشنا مسائل بالغة الأهمية في القارة، وقد بلغنا الأهداف المراد تحقيقها في نظرنا، إذ أصدرنا عددا من التوصيات، كما نسجل مستوى عاليا في التمثيل وحضورا نوعيا للمدعوين، يضاف إلى ذلك المسائل المناقَشة التي كانت ثرية ومتنوعة، كل ذلك يدفعني إلى التأكيد بأننا راضون جدا على ما قمنا به خلال الجلسات، وبأن الحصيلة إيجابية خلال الجلسات. ما حصيلة المشاركة في آخر جلسة للبرلمان الإفريقي؟ لقد قمنا بالفعل بإعداد حصيلة مع ختام الجلسات، وأحصينا أكبر مشاركة على الإطلاق، فمعدل المشاركة عادة كان في حدود 140 نائب حاضر داخل القاعة، وكما لاحظتم فإن الحضور أيضا كان موجودا خارج القاعة، إذ كان هناك عدد كبير من النواب، لدينا برلمان ب170 نائب، فإذا أحصينا حضورا داخل القاعة بمعدل 140 نائب، فإن المشاركة في نظرنا جيدة، والقاعة أقيمت لاحتضان 500 نائب، لذلك قد يبدو الحضور قليلا ولكنه معتبر، نعلم أن دولا تتحفظ أو لم توافق على مسار الهيئة، لذا غاب ممثلوها عن الحضور، ولكننا سنسعى لتطبيق ميثاق حسن السلوك قريبا، مع علمنا بوجود عوامل موضوعية تحول دون حضور نواب من بعض الدول، وهي غالبا ذات بعد مالي، ولكن سنقوم بالتأكد من ذلك، كما سنتأكد إذا كان هناك نواب استفادوا من الدعم المالي، ولكنهم فضلوا التسوق والتغيب، وسنقوم بتبليغ دولهم بالأمر. على ذكر الجوانب المالية، يلاحظ تواضع المساهمات المالية للدول. كيف تتعاملون مع ذلك؟ لقد قمنا في هذه الجلسات بالمصادقة على ميزانية الاتحاد الإفريقي والمقدرة بحوالي 450 مليار دولار، وهي في الواقع ليست بالشيء الكثير، لأن الدول تساهم في حدود 23%، أما الباقي فإنها عبارة عن موارد تأتي من الخارج، وعليه فمن الصعب أن نقوم بمبادرات كثيرة لفائدة الدول الإفريقية إذا لم تساهم هذه الدول نفسها، كما نسجل أن العديد من الدول لديها تأخر في مساهماتها غير المسددة، فكيف يمكن أن نعمل في مثل هذا الوضع؟ والجواب قدمه نائب الرئيس المكلف بالميزانية الذي شدد على ضرورة احترام الدول لالتزاماتها وتسديد مساهماتها. بالمقابل يجب التفكير في ضمان استقلالية البرلمان، أي تجنيد الموارد الخاصة به للتمكن من تنقل وحضور مندوبينا، فمثلا أنا شخصيا لم أتلق أي دولار من التعويضات منذ تعييني رئيسا على البرلمان، وعليه وجب تسوية مسألة التعويضات، لأن النواب إذا حصلوا على التعويضات، فإنهم سيكونون أكثر حضورا والتزاما، وهذا عامل مهم. ما خلفية اختيار مصر لاحتضان جلسات الدورة المقبلة للبرلمان الإفريقي؟ النظام الداخلي واضح في هذا الشأن، إذ ينص على أن بإمكان أي دولة عضو الدعوة لاحتضان جلسة من جلسات البرلمان الإفريقي، وقد تلقينا بالفعل دعوة مماثلة من مصر، ونحن نرحب بمثل هذه المبادرات التي نتمنى أن تعمم إلى دول أخرى، وبالتالي سننظم الجلسة المقبلة في مصر في شرم الشيخ، ونتوقع أن تقوم دول أخرى بتوجيه دعوات مماثلة لتمكين كل البلدان الإفريقية من التعرف على البرلمان الإفريقي. زرتم في مارس الماضي الجزائر، هل يمكن معرفة أهداف الزيارة؟ لاسيما أنكم أعلنتم سابقا بأن الجزائر محرك في مسار التصديق على بروتوكول البرلمان الإفريقي.. الزيارة التي قمت بها إلى الجزائر كانت ثرية جدا ومفيدة إلى أبعد الحدود بالنسبة للبرلمان الإفريقي، وأغتنم الفرصة من خلالكم لتوجيه خالص الشكر والعرفان للسلطات الجزائرية التي أحسنت استقبالي، وقد تمكنت خلال إقامتي في الجزائر من إجراء مباحثات على مستوى عال، وكما تعلمون فإن الجزائر من الدول التي وقعت على بروتوكول مالابو، وعملية المصادقة عليه جارية، ونعتبر أنه بناءً على موقع الجزائر في منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي، فإن بإمكانها أن تلعب دورا محركا لمصادقة جميع بلدان المنطقة على البروتوكول الذي يسمح بإعطاء بعد تشريعي للبرلمان، وكما تعلمون أيضا فإن الأمين العام للبرلمان البروفيسور مراد مختاري جزائري، وعليه فقد ناقشنا أيضا قضايا ذات بعد إداري ومسائل مالية، ونأمل في هبة من الجزائر للسماح بتنفيذ برامجنا بالنظر إلى الدور الذي تلعبه والثقل الذي تمثله. على ذكر بروتوكول مالابو، أين وصلت عملية المصادقة عليه؟ وماذا عن مسار ترسيخ دور البرلمان الإفريقي ليلعب دورا تشريعيا بدل دوره الاستشاري الحالي؟ كما تعلمون فإن مشروع مالابو يهدف إلى جعل البرلمان الإفريقي هيئة ذات صلاحية تشريعية، ولكن للأسف ومنذ سنة 2014 إلى الآن، سجلنا توقيع 10 دول فحسب على البروتوكول المعدّل لمالابو، بينما نحن بحاجة إلى 28 توقيعا و28 مصادقة ليدخل البروتوكول حيز التنفيذ، ويصبح برلمانا تشريعيا لا استشاريا. كيف تنظرون إلى التحديات التي تواجه القارة الإفريقية على خلفية تنامي الإرهاب وتهريب الأموال وتفشي الفقر؟ نولي أهمية للدور التشريعي للبرلمان لهذا السبب، لأن هناك مسائل ذات اهتمام مشترك تعني كل القارة الإفريقية، وليس بالإمكان حلها من قبل كل دولة على حدة. وكما كان يقول أحد الحكماء الأفارقة “لكل تهديد شامل يتعين إيجاد حلول شاملة”، يتعين على الدول الإفريقية أن تكثف جهودها المشتركة لمواجهة ومحاربة الإرهاب، ولكن أيضا تحديات أخرى من قبيل التقلبات المناخية، وبناءً عليه يجب على الدول الإفريقية أن تتكلم بصوت واحد لتحقق مكاسب وانتصارات، فالدور التشريعي للبرلمان الإفريقي يمكن أن يساهم في إيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي تعاني منها القارة. يمثل النزاع في الصحراء الغربية إشكالا للقارة الإفريقية، كونه مسار تصفية استعمار غير مكتمل. ما موقف البرلمان من ذلك؟ البرلمان الإفريقي يتبنى نفس موقف الاتحاد الإفريقي، وهذا الأخير يدعو إلى تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، ونحن ندعم من هذا المنطلق جهودَ الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأممالمتحدة للتوصل إلى تنظيم استفتاء تقرير الشعب الصحراوي، ليس لنا موقف آخر غير موقف الاتحاد الإفريقي، لأننا هيئة تابعة له. لكننا نسجل تباينا في مواقف دول الاتحاد الإفريقي ودعم بعض الدول لأطروحات المغرب المتعلقة بالحكم الذاتي. ما موقفكم من ذلك، خاصة أن المغرب انسحب من الاتحاد الإفريقي؟ أعتقد أن أول مشكل يكمن في غياب المغرب عن الاتحاد الإفريقي، ومن ثم فمن الصعب أن نحل مشكلة قائمة بين متنازعَين أحدهما لا يحضر في المفاوضات، وأعتقد أن من الضروري أن تتفاوض الدولتان وهما شقيقتان، كما أن من مصلحة الجميع العملَ على مراعاة واحترام الجوانب المتصلة بحقوق الإنسان، وبالتالي الوصول إلى تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي.