يقول الله تعالى في كتابه العزيز {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}، ويقول عزّ وجلّ {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}. العِفّة هي الترفُّع عن الدّنايا. وهي في المحسوس: الترفّع عن السّؤال، والترفّع عن الأخذ أو مدّ اليد إلى مغنم، كما قال عنترة: يخبرك من شهد الوقائع أنّني أغشى الوغى وأعف عند المغنم وقيل: هي ضبط النّفس عن الشّهوات وقصرها على الاكتفاء بما يقيم أود الجسد، ويحفظ صحّته فقط، واجتناب السَّرف في جميع الملذّات وقصد الاعتدال. ليس المراد من العفّة حرمان النّفس من رغباتها المشروعة في المطعم والجنس، بل المقصود منها الاعتدال في تناولها وممارستها، إذ كلّ إفراطٍ أو تفريط مضرّ بجسد الإنسان وروحه وداعٍ إلى شقائه وبؤسه. روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم “ليس المسكين الّذي ترده التمرة والتمرتان ولا اللّقمة واللّقمتان، إنّما المسكين الّذي يتعفّف”، وأخبر صلّى الله عليه وسلّم أنّ المؤمن العفيف عمّا حرّم الله من أوائل النّاس دخولاً الجنّة؛ كما جاء في الحديث أنّه قال “عُرض عليّ أوّل ثلاثة يدخلون الجنّة: شهيد وعفيف متعفّف وعبد أحسن عبادة الله ونصح لمواليه”.