رسم صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير، مستقبل “أسود” للاقتصاد الجزائري، بناء على مؤشرات سلبية تمتد إلى توقعات إلى غاية سنة 2021، مردها تواصل أزمة أسعار البترول، انكماش الإيرادات وارتفاع العجز الميزانياتي على مدار السنوات المقبلة، ليؤكد التقرير على التصريح الذي أدلى به الوزير الأول عبد المالك سلال خلال إشرافه على لقاء الثلاثية الأخير حين قال “إن المستقبل غامض”. جاء في تقرير “الأفامي”، بأنّ إيرادات الجزائر ستتراجع بشكل محسوس في العام الجاري والسنوات التي تليه، وجمع الجزائر بمختلف دول الخليج على صعيد واحد وقال إن مداخيل الصادرات من المحروقات لهذه الدول ستنخفض بحدود 450 مليار دولار في هذا العام مقارنة بعام 2014، أي بانخفاض جديد قدره 150 مليار دولار عن عام 2015. وأرجع السبب الرئيسي إلى تهاوي أسعار المحروقات في السوق الدولية وتراجع الطلب على النفط جراء تخمة السوق وبطء وتيرة النمو الاقتصادي العالمي. واستبعدت نفس الهيئة المالية العالمية قرب تعافي الاقتصاد الجزائري على غرار نظيراته في دول الخليج العربي، باعتباره قائم بالمقام الأول على صادرات “أوحادية” تتمثل في الريع النفطي. مشيرة إلى العوامل الدولية الأخرى التي تؤثر سلبا على التوازن بين العرض والطلب، ذكر تقرير الأفامي في مقدمتها رفع الدول الغربية العقوبات الاقتصادية على طهران، ومباشرتها لضخ منتوجها ومخزونها المتراكم من المواد الطاقوية عبر التصدير في السوق الدولية. ودعا صندوق النقد الدولي الجزائر إلى فرض إجراءات تقشفية إضافية على الاقتصاد، بدعوى أنّ التدابير المتخذة لحد الآن في هذا المجال غير كافية لتعديل الكفة بين انكماش الإيرادات وانحصارها وبين النفقات العمومية المفروض على السلطات العمومية تغطيتها على أسس اجتماعية وليس اقتصادية، وأشار التقرير إلى التحويلات الاجتماعية ونفقات الخزينة الموجهة لتغطية دعم أسعار العديد من المواد. وعلى هذا الأساس، تنبأ الأفامي أن تسجل الجزائر رفقة دول الخليج في ظل انخفاض الإيرادات عجزا متراكما في الميزانية يقارب 900 مليار دولار حتى عام 2021، وأكد على أنّ هذه الدول تحتاج إلى خفض معدل الإنفاق الحكومي بنحو الثلث (1/3) من أجل سد العجز في ميزانيتها. وشدد التقرير تبعا لذلك على اتخاذ التدابير الضرورية لذلك، ونص “أنّ جهدا جوهريا إضافيا لخفض العجز مطلوب على المدى المتوسط للحفاظ على الاستدامة المالية” للدول المعنية التي تعتمد ماليتها العامة بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية، كما حذر من وجود “إشارات ناشئة عن ضغوط على مستوى السيولة”، تفرض الحاجة إلى إقامة “إصلاحات هيكلية عميقة لتحسين التوقعات على المدى المتوسط وتسهيل التنويع (في مصادر الدخل) تمهيدا لتوفير وظائف للقوة العاملة المتنامية”. أما على الصعيد الاجتماعي، لم يستبعد صندوق النقد الدولي تأثر شرائح واسعة من المواطنين لاسيما ذوي الدخل الضعيف بالإسقاطات الاقتصادية، وتوقع في ظل تواصل الضغوط على الميزانية أن يصبح 1.3 مليون شخص إضافي عاطلين عن العمل بحلول عام 2021، في كل من الجزائر ودول الخليج العربي، فيما ذهب إلى أنّ دول الخليج من المتوقع أن تلجأ إلى تدابير خاصة لحماية عملاتها الوطنية من خلال منحها الأولوية بالمقارنة مع العمالة الأجنبية المنتشرة بكثرة في تلك الدول.